(٢) الحجابة: أي سدانة الكعبة وتولى حفظها ومفتاحها. والسِّقَايَةُ: هي جَمْعُ المَاءِ مِنْ آبَار مكَّةَ المُخْتَلِفَةِ، ووضْعُهَا قُرْبَ الكَعْبَةِ، وقَدْ تُحَلَّى بشَيْءٍ من التَّمْرِ أو الزَّبِيبِ فيَشْرَبُ الحَجِيجُ منها. وكَانَتْ إِلَى قُصَيٍّ سِقَايَةُ الْحَجِيجِ فَلَا يَشْرَبُونَ إِلَّا مِنْ مَاءِ حِيَاضِهِ، ثم كَانَ هَاشِمُ بنُ عَبْدِ مَنَافٍ -واسْمُهُ عَمْرٌو- رَجُلًا مُوسِرًا ذَا شَرَفٍ كَبِيرٍ، وقَدْ تَوَلَّى هَاشِمٌ السِّقَايَةَ والرِّفَادَةَ، ثُمَّ أوْصَى هَاشِمٌ عِنْدَ وَفَاتِهِ إِلَى أخِيهِ المُطَّلِبِ فَصَارَتِ السِّقَايَةُ والرِّفَادَةُ إلَيْهِ. والرِّفَادَةُ: هو طعامٌ يُوضَعُ للحُجَّاجِ على سَبِيلِ الضِّيَافَةِ. ولَمَّا صَارَ شَيْبَةُ بنُ هَاشِمٍ غلاماً رَحَلَ المُطَّلِبُ في طَلَبِهِ، فَاحْتَمَلَهُ فَدَخَلَ بِهِ مَكَّةَ مُرْدِفَهُ عَلَى بَعِيرِهِ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: هذا المُطَّلِبُ اشْترَى عَبْدًا فُسُمِّيَ شَيْبَةُ عَبْدَ المُطَّلِبِ. فَقَالَ المُطَّلِبُ: وَيْحَكُمْ! إنَّمَا هُوَ ابْنُ أخِي هَاشِمٍ قَدِمْتُ بِهِ مِنَ المَدِينَةِ.وكَانَ عَبْدُ المُطَّلِبِ جَسِيمًا أبْيَضَ، وَسِيمًا طِوَالًا فَصِيحًا، مَا رَآهُ أَحَدٌ قَطُّ إلَّا أَحَبَّهُ، وَشَرُفَ في قَوْمِهِ شَرَفًا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ، وأحَبَّهُ قَوْمُهُ، حَتَّى عُرِفَ بَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ: "بِشَيْبَةَ الحَمْدِ" لِكَثْرَةِ حَمْدِ النَّاسِ إيَّاهُ. ثُمَّ وَليَ عَبْدُالمُطَّلِبِ السِّقَايَةَ والرِّفَادَةَ بعد عمه المطلب فَأَقَامَهَا لِلنَّاسِ. وَكَانَتْ زَمْزَمُ إِذْ ذَاكَ مَطْمُوسَةً مِنْ زَمَنِ جُرْهُمٍ قَدْ تَنَاسَوْا أَمْرَهَا مِنْ تَقَادُمِ عَهْدِهَا وَلَا يَهْتَدُونَ إِلَى مَوْضِعِهَا. حيث إنّ جرهم عفّت أثر بئر زمزم وطمّتها لما أخرجت من مكة، فلم تزل دارسة إلى أيام عبدالمطلب. ثم إنّ عبدالمطلب أري في المنام مكان زمزم فجدّد حفرها، فنازعته قريش فيها، فنذر عبدالمطلب لئن رزق بعشر من البنين يمنعونه من الناس ليذبحن أحدهم قرباناً، فخرج القدح على عبدالله، ففداه عبدالمطلب بمائة من الإبل. وزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافِ، بنِ زُهْرَةَ، بنِ كِلَابِ، بنِ مُرَّةَ، وهِيَ يَوْمَئِذٍ أفْضَلُ امْرَأَةٍ في قُرَيْشٍ نَسَبًا وَمَوْضِعًا، وأبُوهَا سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ نَسَبًا وشَرَفًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute