للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: معك أحد؟، قال: معي محمد، قال: أرسل إليه؟ - لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم - قال: نعم، فافتح. قال: مرحبا به وأهلا، فنعم المجيء جاء. واستبشر بي أهل السماء، فلما علونا السماء الدنيا، إذا رجل عن يمينه أسودة (١)، وعن يساره أسودة، وإذا نظر قبل يمينه تبسم، وإذا نظر قبل يساره بكى، فقلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا أبوك آدم. وهذه نسم بنيه (٢)، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالابن الصالح، والنبي الصالح. فإذا أنا في السماء الدنيا بنهرين يطردان، (٣) فقلت: ما هذان النهران يا جبريل؟، قال: هذا النيل والفرات عنصرهما، ثم مضى بي في السماء، فإذا أنا بنهر آخر، عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد (٤) حَافَّتَاهُ (٥) قباب الدر المجوف، فقلت: ما هذا يا جبريل؟، قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فضربت بيدي، فإذا طينه هو مسك أذفر (٦)، ثم عرج بي إلى السماء الثانية، فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى: من هذا؟، قال: جبريل، قالوا: ومن معك؟، قال: محمد، قالوا: وقد بعث إليه؟، قال: نعم، قالوا: مرحباً به وأهلا ولنعم المجيء جاء، ففتح لنا، فإذا أنا بابني الخالة، عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكرياء، صلوات الله عليهما، فقال جبريل: هذا يحيى وعيسى، فسلم عليهما، فسلمت، فردا، ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح، والنبي الصالح، ودعوا لي بخير، وإذا عيسى رجل مربوع الخلق، وفي رواية: (مبطن الخلق حديد البصر، إلى الحمرة والبياض، سبط الرأس (٧)، كأنما خرج من ديماس - يعني الحمام -، أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود الثقفي، ثم عرج بي جبريل إلى السماء الثالثة، فاستفتح فقيل: من أنت؟، قال: جبريل، قيل: ومن معك؟، قال: محمد قيل: وقد بعث إليه؟، قال: قد بعث إليه، قيل: مرحبا به، ولنعم المجيء جاء، ففتح لنا، فإذا أنا بيوسف - عليه السلام - وإذا هو قد أعطي شطر الحسن. فقال جبريل: هذا يوسف، فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح، والنبي الصالح، ودعا لي بخير، ثم عرج بنا جبريل إلى السماء الرابعة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟، قال: جبريل، قيل: ومن معك؟، قال: محمد، قال: وقد بعث إليه؟، قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بإدريس - عليه السلام - فرحب ودعا لي بخير، قال الله - عز وجل -: {ورفعناه مكانا علياً}.


(١) أسودة: أشخاص، والجمع من الناس، و كل شخص من إنسان وغيره يسمَّى سواداً، وجمعه أسودة.
(٢) أي: أرواح ذريته.
(٣) يطرد: يجري، ويتبع بعضه بعضا.
(٤) الزبرجد: حجر كريم من الجواهر، وهو الزمرد.
(٥) أي على حافتيه.
(٦) الأذفر: الجيد إلى الغاية، رائحته شديدة.
(٧) وفي رواية: (جعد الرأس).

<<  <   >  >>