وفي شوال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عبدالله بن رواحة إلى خيبر، في ثلاثين راكبًا. وذلك أنّ أسِير أو بشير بن زارم كان يجمع غطفان لغزو المسلمين، فأخرجوا أسيرًا في ثلاثين من أصحابه، وأطمعوه أن الرسول صلى الله عليه وسلم يستعمله على خيبر، فلما كانوا بقَرْقَرَة نِيَار وقع بين الفريقين سوء ظن أفضى إلى قتل أسير وأصحابه الثلاثين.
وفي ذي القعدة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية أبي حَدْرَد الأسلمي إلى الغابة وسبب ذلك أن رجلاً من جُشَم بن معاوية أقبل في عدد كبير إلى الغابة، يريد أن يجمع قيسًا على محاربة المسلمين. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا حدرد مع رجلين ليأتوا منه بخبر وعلم، فوصلوا إلى القوم مع غروب الشمس، فكمن أبو حدرد في ناحية، وصاحباه في ناحية أخري، وأبطأ على القوم راعيهم حتى ذهبت فحمة العشاء، فقام رئيس القوم وحده، فلما مر بأبي حدرد رماه بسهم في فؤاده فسقط ولم يتكلم، فاحتز أبو حدرد رأسه، وشد في ناحية العسكر وكبر، وكبر صاحباه وشدا، فما كان من القوم إلا الفرار، واستاق المسلمون الثلاثة الكثير من الإبل والغنم.