للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتَخَوُّفَ الأَنْصَارُ مِنْ بَقَاءِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكَّةَ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَلَّا، إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ، وَالمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ".

وَاجْتَمَعَ النَّاسُ بِمَكَّةَ لِبَيْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَجَلَسَ لَهُمْ عَلَى الصَّفَا، ثم بَايَعَ النِّسَاءَ، وفِيهِنَّ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ. وأقام صلى الله عليه وسلم عام الفتح بمكة تسعة عشر يوماً على الأرجح.

وفي رمضان بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى سواع ليهدمه، وسواع صنم لقوم نوح عليه السلام، ثم صار بعد ذلك لقبيلة هذيل المضرية، وظل هذا الوثن منصوبًا تعبده هذيل وتعظمه، حتى إنهم كانوا يحجون إليه، حتى فتحت مكة ودخلت هذيل فيمن دخل في دين الله أفواجاً، وكان موضعه برهاط على قرابة ١٥٠ كيلو متراً شمال شرقي مكة، فلما انتهى إليه عمرو قال له السادن: ما تريد؟ قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهدمه قال: لا تقدر على ذلك قال: لم؟ قال: تُمنع. قال: حتى الآن أنت على الباطل؟ ويحك فهل يسمع أو يبصر؟ ثم دنا فكسره، وأمر أصحابه فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا فيه شيئاً، ثم قال للسادن: كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله.

ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح بعث خالد بن الوليد إلى العزى لخمس ليال بقين من هذا الشهر الكريم ليهدمها وكانت بنخلة، وكانت لقريش وجميع بني كنانة، وهي أعظم أصنامهم. وكان سدنتها بني شيبان؛ فخرج إليها خالد في ثلاثين فارساً حتى انتهى إليها، فهدمها. ولما رجع إليها سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل رأيت شيئاً؟ " قال: لا، قال: "فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها". فرجع خالد متغيظاً قد جرد سيفه، فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ناشرة الرأس، فجعل السادن يصيح بها، فضربها خالد فجزلها باثنتين، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: "نعم، تلك العزى، وقد أيست أن تعبد في بلادكم أبداً".

<<  <   >  >>