للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ، وَاسْمَعْ وَأَطِعْ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ جَلَدَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَاهْرُبْ حَتَّى تَمُوتَ، فَإِنْ تَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ (١) خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَدًا مِنْهُمْ (٢)، إِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ إِذَا وُسِّدَ الَأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ. أَعَاذَكَ اللهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ؛ أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِي لَا يَقْتَدُونَ بِهَدْيِي، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ وَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ؛ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ، فَأُولَئِكَ قَدْ هَلَكُوا وَأَهْلَكُوا. وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ؛ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ. بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا: إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ (٣)، وَبَيْعَ الْحُكْمِ (٤)، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ (٥)، واسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ (٦)، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَنَشْئًا (٧) يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ (٨) لَيْسَ بِأَفْقَهِهِمْ وَلا بِأَعْلَمِهِمْ مَا يُقَدِّمُونَهُ إِلا لِيُغَنِّيَهُمْ غِناءً، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُمْ فِقْهًا، كِتَابُ اللهِ وَاحِدٌ، وَفِيكُمْ الْأَحْمَرُ وَفِيكُمْ الْأَبْيَضُ، وَفِيكُمْ الْأَسْوَدُ، اقْرَءُوا فَكُلٌّ حَسَنٌ، تَعَلَّمُوهُ وَابْتَغُوا بِهِ اللهَ -عز وجل- مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأتِيَ زَمَانٌ يَتَعَلَّمُهُ نَاسٌ يُقَوِّمُونَهُ كَمَا يُقَوَّمُ السَّهْمُ، يَتَعَجَّلُونَ أَجْرَهُ، وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ، تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، وَسَلُوا اللهَ بِهِ الْجَنَّةَ، قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ بِهِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَتَعَلَّمُهُ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ يُبَاهِي بِهِ، وَرَجُلٌ يَسْتَأكِلُ بِهِ، وَرَجُلٌ يَقْرَأُهُ للهِ -عز وجل-.


(١) أَيْ: بِأَصْلِهَا.
(٢) الإعلام الغربي يدعم الترويج لرؤوس أهل البدع والضلال من الزنادقة والغلاة من الشيعة والمتصوفة والمرجئة ويبرز أفعال الفرق المنحرفة كالخوارج وغيرهم من الضالين المنتسبين للإسلام بقصد تشويه دين الإسلام والصد عنه، ويدعمون الاستشراق والمستشرقين لدراسة الإسلام من أجل تشويهه وإبراز وتمجيد الشخصيات الضالة في تاريخ الإسلام، مثل: الحلاج، ورابعة والتوحيدي والجاحظ وابن عربي والخيّام وغيرهم.
والأئمة المضلون المنتسبين للإسلام هم أخطر على أمة الإسلام من المسيح الدجال. ولا يجوز تولية أهل البدع المضلين المناصب السيادية، وإنما يعاملون بين العقوبة والحذر، ولا يتركون مجتمعين فتقوى شوكتهم؛ بل يفرقون بين أهل الإسلام ويُعلَّمون الدين. ويجب التفريق في المعاملة بين المبتدع الساكت والمبتدع الداعي لبدعته.
(٣) السفيه: الصغير وناقص العقل، لما يحدث منهم من العنف والطيش.
(٤) بيع الحكم: بأخذ الرشوة في القضاء.
(٥) أي كثرة الجند بأبواب الأمراء والولاة وبكثرتهم غالباً يكثر الظلم.
(٦) استخفافا بالدم: أي بحقه، وأن لا يقتص من القاتل.
(٧) أي جماعة أو فتياناً أحداثاً صغاراً، قيل لأن ذلك يكثر فيهم.
(٨) يعني يقدمونه لإمامتهم في الصلاة من أجل صوته وتلحينه ليطربهم، وفي رواية عن أبي ذر رضي الله عنه: "يقدمون الرجل يؤمهم".

<<  <   >  >>