للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ (١) أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ، وَوَالِدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. ولَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ.

ولَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ، ولَا قَاطِعُ رَحِمٍ (٢)، وَلَا مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ (٣)، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلَا مُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ، ولَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ، وَلَا مَنَّانٌ ولا نمام، ولَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ جَسَدٌ غُذِيَ بِحَرَامٍ ولا لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، ولَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ (٤). والْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، والْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، ومِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرءِ تَرْكُهُ ما لا يَعْنِيهِ. لا تَحَاسَدُوا، ولا تَنَاجَشوا (٥)، ولا تَبَاغَضُوا، ولا تَدَابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعضُكُمْ على بَيعِ بَعضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إِخْواناً، المُسلِمُ أَخُو المُسلم، لا يَظلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ، ولا يَخذُلُهُ، ولا يَكذِبُهُ، ولا يَحقِرُهُ، بِحَسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخَاهُ المُسلِمَ، كُلُّ المُسلمِ على المُسلِمِ حرامٌ: دَمُهُ ومَالُهُ وعِرضُهُ. لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ: فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ، اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ، ومَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ، والبَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا، أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ. ولَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا، وَالشَّاةَ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ، إذا ذَبَحْتُم فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وليُحِدَّ أحدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ. لا ضَرَرَ (٦) ولا ضِرارَ (٧). ألحِقُوا الفَرائِضَ بأَهلِها، فَمَا أَبقتِ الفَرائِضُ فَلأوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ، والرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ ما تحرِّمُ الولادةُ، ويَحرُمُ مِنَ الرَّضاعَةِ ما يَحرُمُ مِنَ النَّسبِ. ولَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْواهُم، لادَّعى رِجالٌ أموالَ قَومٍ ودِماءَهُم ولكن البَيِّنَةُ على المُدَّعي واليَمينُ على مَنْ أَنْكر. و إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ، فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ. لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ،


(١) أي: محمد صلى الله عليه وسلم.
(٢) قاطع رحم: هاجر لأقاربه فلا يصلهم ولا يزورهم.
(٣) مؤمن بسحر: يعتقد أن السحر يؤثر بذاته لا بتقدير الله وإرادته.
(٤) المعنى -والله أعلم- أنه لا يدخل الجنة مرتكب هذه الأعمال إلا أن يغفر الله له إذا مات غير تائب منها، كسائر الكبائر.
(٥) يعني: في مزادات البيع، نهى أن يزيد أحد في سعر سلعة لا يريد شراءها.
(٦) لا يَضُرّ الرجل أَخاه.
(٧) (ولا ضِرار) يعني: لا يُضَارّ كل واحد منهما صاحبه ويُدْخِلُ الضرر على الذي ضَرَّهُ؛ ولكن يعفو عنه {ادْفَعْ بالتي هي أَحسن، فإِذا الذي بينك وبينه عداوة كأَنه ولِيٌّ حَمِيمٌ}.

<<  <   >  >>