للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومِنِ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ انْتِفَاخُ الْأَهِلَّةِ، أَنْ يُرَى الْهِلَالُ لِلَيْلَةٍ، فَيُقَالُ: هُوَ ابْنُ لَيْلَتَيْنِ، وَأَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ طُرُقًا، وَأَنْ يَظْهَرَ مَوْتُ الْفُجأَةِ. وإنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ، الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ. وإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ، وأَنْ يَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَقِلَّ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمُهُنَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ. بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا، لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لَا يُبَالِي المَرْءُ بِمَا أَخَذَ المَالَ، أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ، ويَكُونُ فِي آخر أمتِي رجال يركبون على سُرُجٍ كَأَشْبَاهِ الرِّحَالِ (١) يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ. وفِي آخِرِ الزَّمَانِ لَا تَكَادُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا، ولَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ، وَحَتَّى تُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ (٢) وَشِرَاكُ نَعْلِهِ (٣) وَتُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ مِنْ بَعْدِهِ. ويُبَايَعُ لِرَجُلٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَلَنْ يَسْتَحِلَّ الْبَيْتَ إِلَّا أَهْلُهُ، فَإِذَا اسْتَحَلُّوهُ، فلَا تَسْأَلْ عَنْ هَلَكَةِ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَجِيءُ الْحَبَشَةُ فَيُخَرِّبُونَهُ خَرَابًا لَا يُعْمَرُ بَعْدَهُ أَبَدًا، وَهُمْ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ كَنْزَهُ، اسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذَا الْبَيْتِ فَإِنَّهُ قَدْ هُدِمَ مَرَّتَيْنِ، وَيُرْفَعُ فِي الثَّالِثَةِ، اتْرُكُوا الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ، فَإِنَّهُ لَا يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ إِلَّا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أُصَيْلِعَ أُفَيْدِعَ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يُجَرِّدُهَا مِنْ كِسْوَتِهَا، وَيَضْرِبُ عَلَيْهَا بِمِسْحَاتِهِ وَمِعْوَلِهِ فَيَنْقُضُهَا حَجَرًا حَجَرًا وَيَسْلُبُهَا حِلْيَتَهَا وَيَسْتَخْرِجُ كَنْزَهَا.


(١) (الرحال) جمع رحل، وهو كل شيء يعد للرحيل من وعاء للمتاع ومركب للبعير. ولعل فيه إشارة للمركبات والسيارات الحديثة.
(٢) الْعَذَبَةُ: طَرَفُ السوط.
(٣) الشِّرَاكُ: سَيْرُ النَّعْلِ الذي يُمسك بالنعل عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ.

<<  <   >  >>