للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَبَلغَ ذلك مُوسَى فدَعَا عَلَيْهِمْ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ أَنْ تُطِيعَهُ، فَأتاهم وقَالَ مُوسَى لِلْأَرْضِ: خُذِيهِمْ فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَعْقَابِهِمْ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا مُوسَى يَا مُوسَى، ثُمَّ قَالَ لِلْأَرْضِ: «خُذِيهِمْ»، فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبِهِمْ. فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا مُوسَى يَا مُوسَى، ثُمَّ قَالَ لِلْأَرْضِ: "خُذِيهِمْ» فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَعْنَاقِهِمْ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا مُوسَى يَا مُوسَى. فَقَالَ لِلْأَرْضِ: "خُذِيهِمْ». فَأَخَذَتْهُمْ فَغَيَّبَتْهُمْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى: يَا مُوسَى سَأَلَكَ عِبَادِي وَتَضَرَّعُوا إِلَيْكَ فَلَمْ تُجِبْهُمْ، وَعِزَّتِي لَوْ أَنَّهُمْ دَعَوْنِي لَأَجَبْتُهُمْ.

ولما خسف الله الأرض بقارون وبداره ومن فيها؛ أصبح الذين تمنوا ما كان فيه قارون من المال والزينة قبل الخسف به يقولون متحسرين معتبرين: ألم نعلم أن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده، ويضيقه على من يشاء منهم؟! لولا أن منّ الله علينا فلم يعاقبنا بما قلنا؛ لخسف بنا مثل ما خسف بقارون، إنه لا يفلح الكافرون (١).


(١) وممن اتبع هواه وخالف موسى عليه السلام: (بلعام بن باعوراء)، َقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ يُقَدِّمُونَهُ فِي الشَّدَائِدِ، بَعَثَهُ نبي الله موسى عليه السلام إِلَى مَلِكِ مَدْيَنَ يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ فَأَقْطَعُهُ وَأَعْطَاهُ، فَتَبِعَ دِينَهُ وَتَرَكَ دِينَ مُوسَى عَلَيْهِ السلام. قال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).

<<  <   >  >>