للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قومه قالوا: اهجهم. قال: ما بيننا أجلُّ من القذع. ولو لم أكفف عنهم إلاّ رغبة بنفسي عن الخنا لكَفَفْتُ. وأنشأ يقول: (٢٨١)

(تقولُ ألا تهجو فوارسَ هاشمٍ ... ومالي إذْ أهجوهُمُ ثُمَ ماليا)

(أبى الشَّتْمَ أنّي قد أصابوا كريمتي ... وأنْ ليسَ إهداءُ الخَنا مِن شمالِيا)

(وذي إخوة قَطَّعْتُ أقرانَ بَينِهِمْ ... كما تركوني واحداً لا أخا ليا)

قال أبو العباس: حدثني محمد بن سلاّم بنحو من هذا الحديث وقال: أنشدني عبد القاهر بن السَّريّ السُلَميّ هذه الأبيات الثلاثة وقال: دخلت على بلال بن أبي بردة الحبسَ، فأنشدني هذه الأبيات. ٢٣٣ / ب

قال أبو العباس: وقال أبو عبيدة: ثم إنّ صخراً غزاهم في العام المقبل، فلما (٣٥٠) دنا هو على السُّمّى، قال: إني أخاف إن أشرفت على القوم أن يعرفوا غُرَّةَ السُّمّى، فيتأهبوا، فحمَّمَ غُرتَّها. فلما طلعت على أداني الحي، قالت امرأة لأبيها: هذه والله السُّمّى، فنظر فقال: السُّمّى غراء، وهذه بهيم. فلم يشعروا إلا والخيل دواسٌ. (٣٤٩) فقتل صخر دريداً، وأصابوا في بني عامر، وقال صخر:

(ولقد قتلتُكمُ ثُناءَ ومَوْحَدا ... وتركتُ مُرَّةَ مثلَ أمس المُدبِرِ)

(ولقد دفعتُ إلى دُريدٍ طعنةً ... نجلاء تزغلُ مثلَ غطِّ المَنْحَرِ)

قال أبو العباس: قال أبو عبيدة: غزا صخر بن عمرو، وهو أخو الخنساء، بني أسد بن خزيمة فاكتسح إبلهم. فجاءهم الصريخ، فركبوا فالتقوا بذات الأثل، فطعن ابن ثور الأسدي صخرا طعنة في جنبه، وأفلت الخيل، فلم يقعص في مكانه. وجوى منها، فمرض حولاً، حتى ملّه أهله. فسمع امرأة تقول لامرأته سلمى: كيفَ بَعْلُكِ؟ فقالت: لا حَيٌّ فيُرجى، ولا مَيِّتٌ فينعى، قد لقينا منه الأَمَرَّيْن. فقال صخر:

أرى أمَّ صخرٍ لا تَملّ عيادتي.


(٢٨١) الكامل ١٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>