صحيحة، وصوفة هذا لقب الغوث بن طانجة ولقب أولاده وقد كانت له ولهم من بعده الإجازة بالحج للناس من عرفة، وسبب تسميته بصوفة ما رواه الكلبي أنه ما كان يعيش لأمه ولد فنذرت لئن عاش لتعلقن برأسه صوفة، ولتجعلنه ربيط الكعبة، ففعلت فقيل له: صوفة ولولده من بعده، وتعليق الصوفة في الرأس عادة جاهلية باقية في البادية إلى أيامنا هذه، ولكن النسبة إلى صوفة مما تستبعد إذ لم ينتسب إليها أحد من قراء الصحابة ونساكهم، ولا عرفت لذريته في الإسلام بقية اشتهرت بالزهادة والعبادة، فالأنساب إلى أمر أسلامي مشهور أقرب إلى الصحة منه إلى أمر جاهلي مغمور، وإما النسبة إلى صفة المسجد النبوي في المدينة فقياسها الصرفي صفي لا صوفي وكذلك النسبة إلى الصف الأول في الصلاة أو إلى الصوفانة وهي بقلة قصيرة صحراوية، قيل أنهم نسبوا إليها لاجتزائهم بنباتها طعاماً، ولو صحت لقيل صفى أو صوفاني، وأعب منها النسبة إلى صوفي الفعل المجهول من صافي، والظاهر أنه لقب شرف منحه الشاعر للصوفية بقوله:
ولست أمنح هذا الاسم غير فتى صافى فصوفي لهذا سمي الصوفي
وعلى ذلك تكون هذه النسبة الشعرية خيالية لا حقيقية، وأما النسبة (١) إلى صوفيا بمعنى الحكمة أو ثيو صوفيا الإغريقية فغير صحيحة، قال نولدكه لأن العرب كانوا يعربون حرف سيغما من الأبجدية الإغريقية بحرف سين لا صاد فقالوا فيلسوف وسفاسطائي، فلو كانت النسبة إليها لقالوا تسوف لا تصوف بالسين لا بالصاد ولأنه ليس ثمة صلة أرامية بين صوفيا وصوفي تسهل النسبة إليها ومما يقوي النسبة إلى الصوف أن الزهاد لبسوه في صدر الإسلام، وانتشر لبوسه بين التابعين من القراء والقصاص والمتعبدين حتى غلب لبسه على المتصوفة في أواخر القرن الثاني وإن لم يختصوا به، وكاد يعمهم في القرن الثالث حتى صار الصوف لهم علماً به يعرفون وإليه ينتمون.
أما ما ورد في فضل لبسه من الأحاديث فمن الموضوعات (٢) التي لا يثبت منها شيء وإنما كان الرسول يلبسه في بعض الأوقات، ويتفقد من يلبسونه رياءً وسمعة، فقد روي عنه إنه قال:(إن الأرض لتعج إلى ربها ن الذين يلبسون الصوف رياء).
وكان يتعوذ من لبس المنافقين، وقد سئل الحسن عن لبسهم فقال: خشوع اللباس بغير خشوع القلب، وهو الذي أنكر على فرقد لبسه الصوف للشهرة بقوله: يا فرقد يا ابن أم