أصحاب (المذهب الفيزيوقراطي) الذين ظهروا بفرنسا في عهد الثورة الكبرى. وكان هؤلاء يعتبرون الأرض كمنبع الثروة الوحيد ويعتقدون لذلك أن زيادة الإنتاج الزراعي تسبب الغلاء في نفقات الإنتاج الاقتصادي العام وإلى مدرسة (الفيزيوقراطيين) ترجع جميع النظريات المتأخرة التي تعلل الأزمات الاقتصادية بكثرة الإنتاج وزيادته عن الحد الطبيعي. وتقول هذه النظريات أن الأزمات الاقتصادية تتكرر بانتظام كل عشر سنوات وتتجلى فيها العوارض نفسها. فإنه في أول هذه المدة تزداد وسائل الإنتاج من آلات وأدوات ومواد ابتدائية ولا يمكن أن يباشر في استثمار هذه الوسائل الجديدة إلا بعد عشر سنوات. وحينئذٍ يغمر السوق بسيل دافق من المصنوعات والمنتوجات الجديدة التي تسبب سقوط الأسعار وحصول الأزمة.
وعلى نقيض هذه النظريات كان (كارل ماركس) وأشياعه من الاشتراكيين يريدون تعليل الأزمات الاقتصادية لا بكثرة الإنتاج بل بقلة الاستهلاك. فهو يقول أن الأرباح الناتجة عن الآلات والأدوات والمخترعات الحديثة لا يستفيد منها العمال بل تتسرب إلى خزائن الرأسماليين الذين يستخدمونها لإنشاء معامل جديدة وزيادة منتوجاتهم وتحسينها. هذا ف حين أن العمال الذين صنعت هذه المنتوجات لهم لم تزدد أجورهم فلا يستطيعون لذلك اشتراءها فتتكدس البضائع في الأسواق وتهبط الأسعار وتحدث الأزمة التي تتوقف فيها الأعمال وتكسد المتاجر ويدوم ذلك مدة يعقبها نشاط جديدة بسبب تراكم رؤوس الأموال في أيدٍ قليلة قوية تنظم الحياة الاقتصادية من جديد. وهكذا على التوالي إلى أن ينهار النظام الرأسمالي السائد وتستولي الحكومة، ممثلة الجمهور، على وسائل الإنتاج جميعها.
والمباحثات الجديدة في الأزمة الاقتصادية الحاضرة بصورة خاصة، مثل كتاب نهاية الرأسمالية الذي انتشر مؤخراً بالألمانية تحت الاسم المستعار (فرديناند فريد) ونقل إلى كثير من اللغات الأخرى، توجه كل اهتمامها إلى هذه الظاهرة الأساسية وهي: تمركز رؤوس الأموال وتأسيس نقابات وشركات كبيرة موحدة من طبيعتها أن تقضي على التزاحم والتنافس في الأسواق الحرة. ويرى (فرديناند فريد) أن النتيجة المنطقية والغاية الطبيعية لهذا التطور يجب أن تكون في انتقال هذه المؤسسات الاقتصادية التي اكتسبت صبغة اجتماعية، إلى ملك الدولة وتصرفها فتتألف بذلك مناطق اقت٢ادية كبرى مستقلة في