وسار الجمع، والأعلام الحمراء تخفق، إلى الأمام ولكنه وقف فجأة وسمعت خطوات الشرطة الخيالة مسرعة إلى الساحة فتفرق المتفرجون وارتفعت أصوات المتظاهرين بالمسبات والشتائم يتهددون ويتعدون وكان ضابط الشرطة يصدر الأوامر بصوت حاد وبعض المتحمسين يشجع الجمهور ويدعوه إلى الثبات والمقاومة ويصرخ: إلى الأمام إلى الأمام. وكانت الخيل في هياج وسيوف الشرطيين تلمع وسمعت أصوات الأنين والتظلم وكلمات الشتم والسب. وبعد برهة قصيرة عادت الساحة إلى ما كانت عليه قبلاً.
وكان الشابان في المطعم طلبا شيئاً من القديد وأخذا يلتهمانه دو التفات إلى الرجل المتقدم في السن، الأنيق الملبس الذي جلس قريباً منهما. ولما أبدى أحدهما ملاحظته على مظاهرة الشيوعيين وحمد الله على أنه لم يكن في الشارع ولم يشترك فيها تداخل الرجل المتقدم في السن في الحديث مع الشابين قائلاً:
- ماذا حدث؟ هل كان هؤلاء من الشيوعيين. حقاً إن هذه المظاهرات أصبحت من الأمور المعتادة.
وقد ساقت الشرطة أربعة عشر من العمال المهشمين إلى سجن الشرطة وسلمت أثنين إلى المستشفى لأن جروحهما كانت خطرة
وسأل الرجل المتقدم في السن الشابين:
- كيف تجدان الطعام؟ ثم تقدم منهما قليلاً وهو يبتسم: هل أنتما من هذه المدينة؟ إنني غريب وأريد أن أتعرف قليلاً على الحياة الليلية هنا فهل تريدان مرافقتي؟
ولما أجاب الشابان بالقبول ازداد الرجل الأنيق المتقدم في السن بشاشة ولطفاً وأوصي لهما بقدحين من الجعة
وخرج الناس من غرفة المحاضرات واخذوا يتناقشون بحماسة ويبحثون في آراء الأستاذ (نفينكر). فكنت تسمع البعض يقول:
- شيء عظيم! أفكار جديدة بكل معنى الكلمة! استنتاجات مدهشة! ووقف طالب وصرخ في الجمع:
- يا خنازير! لماذا، إذن تذهبون الآن في منتهى الهدوء إلى بيوتكم إذا كنتم اقتنعتم بأن