التجارية الكبرى الغارقة في النور تسحر عيون المارة بما فيها من كنوز هذا العالم وغرائبه والإعلانات الكهربائية الملونة ترتعش في سماء الليل المظلم.
ومرت جماعة من السكارى على الرصيف تغني وتزعج الناس فأسرع شرطي لتفريقهم بينما بنات الشوارع ترمي أنظاراً كلها إغواء وتسير في طريقها متبخترة عند رؤية الشرطي وبعض الأحداث يرشقونها بكلمات بذيئة.
وكانت السيدة (ماير) تقرع زوجها وهي تأخذ مقعدها في الصف الخامس من الطابق الأول بدار التمثيل وتقول: إن الفصل الأول من الرواية قد ضاع كله لأن الخادم منعها من الدخول أثناء التمثيل وهي لو كانت وحدها لما رضيت بذلك ولكن زوجها يتحمل كل إهانة ثم أخذت تفتش وهي تلهث والعرق يتصبب منها على نظارتيها وعلى زجاجة (الكولونيا). أما زوجها فظل صامتاً ينظر إلى المسرح:
- ثم! ثم أعود إليك مرة أخرى، يا عزيزتي الصغيرة، إذا كنت توافقين. كان الممثل الجميل الأنيق يقول ذلك وهو يرمي نظرات ذات معان إلى زميلته الرشيقة على المسرح.
وفي إحدى غرف الحاضرات كان الأستاذ (نفينكر) يخطب قائلاً:
- إننا، يا سيداتي وسادتي، تجاه نوعين من الأنظمة الاجتماعية: من جهة النظام الصناعي الأمريكي الذي بدأ ينتشر في أوروبا أيضاً ثم النظام الروسي الاشتراكي من جهة أخرى. وهنا وقف قليلاً ليتناول جرعة من الماء.
- ما أشد جوعي! قال صانع شاب إلى رفيقه في مقهى صغير مشبوه. (ألا تريد، يا فرانتس، أن نذهب إلى مطعم رخيص) وكان أثناء ذلك يعد خلسة ما في جيبه من الدراهم خيفة أن لا تكفي لتسديد قيمة الطعام. وبينما كان الاثنان في طريقهما إلى المطعم خرج من فندق (كونتننتال) رجل متقدم ف السن كثير التأنق في لباسه ودخل أيضاً وراء الشابين إلى المطعم الفقير في هذه الأثناء ظهر من أحد الشوارع الفرعية جمهور من المتظاهرين وتجمعوا في الساحة وهم ينشدون: