وفي الصحيحين: إذا أحب الله العبد دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض وفي جامع الترمذي من حديث أبي إدريس الخولاني (١) عن أبي الدرداء عن النبي (ص) انه قال: كان من دعاء داود: اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك، اللهم حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد، ولو أردت استقراء آيات المحبة وأحاديثها وأقوال السلف الصالح من التابعين والصوفية العارفين لا تسع مجال المقال ولخشيت على نفس نيكلسون من السأم والملال.
إن التصوف الشرعي الصحيح ليشمل على الخوف والرجاء والحب والصفا معا والرجاء حادي المحبة، وما كان الحب والخوف ضدين يوما، ذلك إن الحب مع الاشتياق يمازجه الخوف والإشفاق، وأي محب - عمرك الله - لم يخف هجران حبيبه أو تجنبه، وأي متيم لم يحذر مع الوصال من فرقته وتنائيه، وما أصدق الشاعر إذ يقول:
وما في الأرض أشقى من محب ... وان وجد الهوى عذب المذاق
تراه باكيا في كل حين ... مخافة فرقة أو لاشتياق
فيبكي - إن نأوا - شوقاً إليهم ... ويبكي - إن دنوا - خوف الفراق!