ألم يأن أن يبكي الغمام على مثلي ... ويطلب ثأري البرق منصلت النصل
وهلا أقامت أنجم الليل مأتما ... لتندب في الآفاق ما ضاع من نثلي
ولو أنصفتني وهي أشكال همتي ... لا لقت بأيدي الذل لما رأت ذلي
ولا فترقت سبع الثريا وغاضها ... بمطلعها ما فرق الدهر من شملي
وكقوله في قصيدة يمدح بها ابن جهور:
إلى أن بدت في دهمة الأفق غرة ... ونفر من جنح الظلام غراب
وقد كادت الجوزاء تهوي فخلتها ... ثناها من الشعرى العبور جناب
كأن الثريا راية مشرع لها ... جبان يريد الطعن ثم يهاب
كأن سهيلا في رباوة افقه ... مسيم نجوم حان منه إياب
كأن السها فاني الحشاشة شفه ... ضنى فخفات مرة ومثاب
كأن الصباح استقبس الشمس نارها ... فجاء له من مشتريه شهاب
كأن إياه الشمس بشر ابن جهور ... إذا بذل الأموال وهي رغاب
وما سوى ذلك من الأبواب التي عالجها كالمديح والرثاء والعتاب والتهاني لا يستدعي في جملته الإعجاب على ما فيه من أحكام في النسج وصنعه تدل على أدب جم ورواية واسعة وثقافة عالية لان اثر التصنيع ظاهر عليه ينبيك بأن الباعث على نظمه ضرورة أو مجاملة أو قضاء حق أو دفع مغرم أو جر مغنم كقصائده التي مدح الملوك بها في حبسه وبعد فراره من السجن أو التي هاجم بها حساده ومنافسيه فلا تكاد تجد بها معنى مبتكرا أو إبداعا في جملتها بل هي من المتعارف المعهود وبعضها من المردد المعاد الذي ألح عليه الشعراء حتى بلي.
فالوزير ابن زيدون شاعر يجري طلقا ويأتي سابقا في ميدان صبابته وهواه فإذا تعدى حدود ذلك الميدان لم يكن من السابقين. فأناشيد غرامه وحدها هي التي تستحق الخلود ولأجلها قارن بعض المستشرقين بينه وبين طيبو لوس الشاعر اللاتيني وبيترارك الشاعر الايطالي.
خليل مردم بك