عارض بها البحتري في قوله:
يكاد عاذلنا في الحب يغرينا ... فما لجاجك في عذل المحبينا
نلحى على الوجد من ظلم فديدننا ... وجد نعانيه أو لاح يعنينا
مذهب ابن زيدون في الشعر مذهب الوجدانيين الذين يعبرون عن هواجس النفس وخوالج الضمير بصورة فنية خلابة تستفز الطرب وتستثير الإعجاب وان لم يكن فيها ابتكار أو عمق في التفكير لذلك فلا تكاد تجد له معنى مخترعا أو رأيا يعتمد على المحاكة العقلية والتفكير العميق فإذا شئت أن تقف على براعته وسحره فالتمسهما في غزله ووجده وشوقه وحنينه كقوله:
لا سكن الله قلبا عن ذكركم ... فلم يطر بجناح الشوق خفاقا
لو شاء حملي نسيم الصبح حين سرى ... وافاكم بفتى أضناه ما لاقى
كان التجاري بمحض الود مذ زمن ... ميدان انس جرينا فيه إطلاقا
فالآن احمد ما كنا لعهدكم ... سلوتم وبقينا نحن عشاقا
أما الوصف في شعره فجيد بالغ إذا تناول محاسن الطبيعة لاسيما إذا كانت مربعا للهواة أو باعثا لذكرياته كالقصيدة التي كتبها إلى ولادة يصف الزهراء في الربيع ويشكو إليها شوقه:
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا ... والأفق طلق ومرأى الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في أصائله ... كأنه رق لي فاعتل إشفاقا
والروض عن مائه الفضي مبتسم ... كما شققت عن اللبان أطواقا
يوم كأيام لذات لنا انصرمت ... بتنا لها حين نام الدهر سراقا
نلهو بما يستميل العين من زهر ... جال الندى فيه حتى مال أعناقا
كأن أعينه إذ عاينت ارقي ... بكت لما بي فجال الدمع رقراقا
ورد تألق في ضاحي منابته ... فازداد منه الضحى في العين إشراقا
سرى بنافجة نيلوفر عبق ... وسنان نبه منه الصبح إحداقا
كل يهيج لنا ذكرى تشوقنا ... إليك لم يعد عنها الصدر إن ضاقا
وصور الطبيعة تتراءى في مواضع شتى من شعره على اختلاف الأغراض كقوله في الشكوى من السجن: