وقد لا أفتش عنهما بعيدا لأني أجدهما متى أردت وهما موفوران لي، معسرا كنت أم موسرا أجدهما في نفسي، نفسي الجبارة التي تجعل الأشياء باكسيرها متشابهة بل واحدة
أنا لا أريد أن لا تميزوا بين الصباح والمساء، بين الشروق والغرب بين الظلمة والنور بل أريد أن تنير نفوسكم إذا أظلمت الدنيا وان تشرق شمس نفوسكم إذا غربت شمس سمائكم
أرأيتم في احد الأيام بل في كثير من الأيام في طريقكم إلى جامعكم أو كنيستكم فقيرا بائسا فتت منظره أكبادكم ولآلم نفوسكم ولكنكم لو أردتم، وقلما أردتم، لحولتم فقره إلى غنى ونعمة بل على الأقل إلى عدم فقر وبؤس، مدوا أيديكم إلى جيوبكم فلا يعود يؤلم منظره نفوسكم ويفتت أكبادكم، وقد تستطيعون إذا كانت جيوبكم فلا يعود يؤلم منظره نفوسكم ويفتت أكبادكم، وقد تستطيعون إذا كانت جيوبكم فارغة أن تصلوا من اجله ليقيل الله عثرته بل على الأقل أيضا قد تستطيعون أن تصلوا من اجل نفوسكم ومن اجل أن تكونوا صما وعميا فلا تعودون تسمعون صوت تألمه الذي استنكرتموه. ولا تعودون ترون منظره الذي فتت أكبادكم ولكن تعلمون لماذا لا تعملون شيئا من هذا وذاك؟. . لأنكم لا تريدون أن تعملوا بل بالأحرى لأنكم تريدون أن لا تعملوا وفي ما أرى إن ليس بين عدم إرادة الشيء وارادة عدم الشيء فرق يذكر. ليس بين عدم إرادتكم تهوين بؤس البائس وإرادتكم عدم تهوين بؤسه فرق يذكر. إذا كنتم لا تريدون أن تكفكفوا دمعة شقي فأنتم تريدون أن لا تكفكف دموعه بل تريدون أن يبكي وحينئذ تكونون مصرا ألمكم بل مصدر شقائكم.
تباينت آراء الأدباء والشعراء حتى الفلاسفة في حد اللذة، فلستم ولا شك تنتظرون مني أن أحدهم لكم بما يرضيكم كما إني لست أجرؤ أن آتيكم بحد هو القول الفصل ولعل كل الحدود التي حدها بها الناس صادقة، لعلها كألوان الأطعمة التي يستسيغ الواحد منها ما لا يستسيغ الآخر، لعلها كأنواع الألبسة التي نرتديها والتي لأذواقنا المتباينة أعظم الخطر في اختيارها. ولكن مهما كنتم مخيرين في انتقاء ألبستكم وأطعمتكم فللبرودة شأن وللدفء شأن في أنواع ألبستكم كما أن للمعدة شؤونا
في تناول ألوان الأطعمة متناسبة مع حالاتها وإذا لم تراعوا هذه الشؤون فأنكم مرضى تحتاجون إلى غير أدوية الفيلسوف والأديب وكما انه لا يضركم اللون الواحد من الطعام بل اللونان حتى الألوان العدة ولا يضركم النوع الواحد من الألبسة أو النوعان أو الأنواع