العدة، كذلك ربما لم تجدوا في الحد الواحد للذة ما يسبر غور نفوسكم فاطلبوها في الحدين والعشرة بل بكل ما حد به الفلاسفة في
تحديد اللذة فقد لا تتناقض، وإذا تناقضت فلا يدل ذلك على أن اللذة حلم نائم لا يقبض المستيقظ منه على شيء، أو أن اللذة ليست من أحلام أهل الأرض. إن حاسة اللذة والألم موجودة في الناس وهي حاسة واحدة ولولاها لما ميزنا بين الفرح والترح والحق والباطل والفضيلة والرذيلة والأمن والخوف. قلت أن حاسة اللذة والألم واحدة كما أن الحاسة التي نشعر فيها بلذة الطعام ورديئة واحدة وكما أن الحاسة التي نشعر فيها بالروائح الطيبة والروائح الخبيثة واحدة وكما أن الحاسة التي نسمع بها أصوات الغناء وأصوات الندب واحدة. في العالم اللذيذ والرديء من الأطعمة والطيب والخبيث من الروائح، في العالم لذة وألم مرتبطان بتكيف الطبائع بالإرادة الحرة الخاصة. في وسعكم أن تجعلوا حواسكم لا تشعر إلا من صفحتها الواحدة الصالحة التي تريدون أن تشعر بها. وفي وسعكم أيضا بقناعتكم وصبركم وقوتكم أن تريدون كل ما هو كائن وكل ما يكون وفي وسعكم حينئذ أن تلتذوا كل شيء