وبحث الأستاذ جان غولميه في الخصومة المعروف بين الحمصيين والحمويين كحادث اجتماعي وبين كثيرا من أسبابها التاريخية والطبيعة وما نشا عن هذه المناظرة القديمة من الأدب القديمة من الأدب اللغوي والأدب الشعبي وأورد لذلك كثيرا من الأمثال والشواهد والأشعار التي ترجمتها وشرحها بدقة ومهارة مستندا بذلك إلى كثير من الحادثات التاريخية في هاتين المدينتين القديمتين.
والأستاذ غولميه ما برح يعالج وصف الجماعات الحموية منذ سنوات حتى أصبح خبيرا بشؤونها عارفا بكثير من الدقائق التي تفوت سكان مدينة أبي الفداء أنفسهم ولعل بحثه هذا هو احد فصول الكتاب القيم الذي ما برح يعمل في إعداده وتحريره منذ خمس سنوات.
وفي مجموعة المعهد الافرنسي الجديدة، غير ما ذكرناه من المقالات والأبحاث الشرقية، فصول كثيرة ممتعة يجدر بالشرقيين عامة والسوريين خاصة وكذلك بكل من يهتم بشؤون سورية والشرق من الغربين الاطلاع عليه ودرسها درسا وافيا. .
بوم شوقي بفاس
لست أدري هل من المناسب أو اللياقة أن تقتصر حفلات التأبين على أن يكيل الخطباء المدح للمؤبن وتنهمر دموعهم على وفاته، أم إن واجبهم يحفزهم على أن
يجاهروا بالحقيقة مهما كانت قاسية لا تتفق ورهبة الموت في نظر السذج، لست ادري ذلك وإنما الذي أراه أن اغلب المؤبنين يتخذون جلال الموت ذريعة لتناسي النقائص والإشادة بالفضائل. على أن المجتمع الأدبي العربي اليوم بدأ يتوفق لنبذ المبالغات (الاتباعية) التي كانت تزف إلى كل ميت فأصبحت خطب التأبين شبه تحليل لمحاسن المتوفى. فلقد توفى الله حافظا فلم تكسف الشمس ولم تزلزل الأرض في خطب تأبينه، وتوفي أمير الشعراء (شوقي) فرن الأسى في جميع البلدان الناطقة بالضاد دون أن تنقلب العوالم أو يتوقف سير المجموعة الشمسية في تلك المراثي التي نظمها شعراء العرب، بل لقد عبر الشاعر عن حزن خامره وخامر أمته لفقد شخصية كانت تغذي عاطفة العربي وهو يكافح عوادي الطبيعة ومظالم أخيه الإنسان التي شملت جل مظاهر الحياة.
إن في تلك المظاهرات الأدبية التي أقيمت لتأبين شوقي في كل البلاد العربية مغزى جميلا طالما رمى إليه شاعرنا في قصائده، وبلاد مراكش ساهمت في تلك الحقيقة الكبرى الدالة