ليس بين المؤرخين العرب سوى مؤلف واحد بحث مفصلا في هذا الموضوع الهام هو القلقشندي في كتابه صبح الأعشى وقد رجع إليه المؤرخ في كثير من الحقائق واستشهد بأقواله كما رجع إلى المؤرخين الذين مروا عرضا على هذا الموضوع في مؤلفاتهم.
لا يخفى أن لكل دولة من الدول الإسلامية شعارا اتخذته دون غيره لسبب أو لغير سبب ولكل مليك أو خليفة شارة خاصة يهبها للأمراء والأنصار الذين جاهدوا في ظل ملكه أو خلافته تقديرا منه لجهودهم المخلصة في سبيله وهذه الشارات بقسمها المؤلف من حيث شكلها إلى أربعة أقسام:
(أولا) الشارة البسيطة وهي التي يكون منقوشا عليها رمز واحد إما رسم حيوان وفي أكثر الأحيان النسر أو رسم نوع من السلاح وفي كثير من الأحيان السيف.
(ثانيا) الشارة المركبة وتقسم إلى نوعين نوع مركب من رسم متكرر لرمز واحد ونوع مركب من رسوم مختلفة لرموز مختلفة.
(ثالثا) الشارة المختلطة وهي التي ترمز إلى مهنة حاملها وفي أكثر الأحيان تكون مع هذه الرموز صورة النسر.
(رابعا) الشارة التي تحمل أثرا تاريخيا يدل عليها وكانت مركبة من رسوم أشياء لا من رسوم حيوانات وفي أكثرها لكأس محاط بألوان مختلفة.
يمتاز هذا الكتاب بمزايا ثلاث:
(أولا) سعى مؤلفه وراء الحقيقة المجردة مع الإتيان بشواهد تاريخية من مراجعها الأصلية مرفقة بالرسوم والآثار وأماكن وجودها وتاريخها وأسماء حامليها.
(ثانيا) نقده الصريح للمؤلفين الغربيين الذين كتبوا في الموضوع نفسه مع البراهين القيمة التي تدل على صدق لهجته وسعة اطلاعه.
(ثالثا) ما بذل للوصول إلى هذه الحقائق التاريخية المبعثرة هنا وهناك والتي لم يفكر بها عربي قبله في عصرنا هذا
كل هذا إذا أضيف إلى جمال تنسيق المواضيع وسهولة اللغة واستعمال الاصطلاحات الصحيحة وتفسيرها تاما يضع الكتاب في مصاف الكتب ذات القيمة التاريخية العظيمة ويجعلنا نقدر المؤلف قدره على هذه التحفة الثمينة التي أهداها إلى قرائه فأحسن انتقاء