وهذه الحياة تبقى فوضى إذا لم تكن هناك مقاييس أخلاقية تبين لنا إن هذه العاطفة شريفة وذاك الشعور ساقط وذلك الإحساس حسن وهذا قبيح. وبذلك يتم ترتيب الكون ونظامه.
ورجال الفن والأدب يجب إلا تغرب عنهم هذه الحقيقة. ولكن ليس معنى ذلك إن هؤلاء أن يصفوا الأشخاص الذين يتكلمون عنهم بالحسن أو القبح. بل إنما يتحتم عليهم أن يظهروا في آثارهم ما يسيطر على أرواح هؤلاء الأشخاص من عوامل الخبر أو الشر ثم ما ينتج عن هذه العوامل من أفعال تقابلها وتلازمها.
وكل أثر أدبي لو فني لا صلة للعوامل الأخلاقية به لا يمكن أن يبدع عالما كاملا مستقلا ولو اشتمل من جهة أخرى على مظاهر الحياة وأجاد في وصفها. فان هذه الحياة تبقى دائما مشوشة تعتروها الفوضى إذا خلت من الأسس الأخلاقية. وقيمة رجل الأدب والفن تظهر في مقدرته على إبداع عالم كامل يقوم على نظام وترتيب. وبقدر ما يكون هذا العالم بارزا، واضحا تزداد عظمة الآثار الفنية والأدبية التي يجب أن تمثل لنا النظام في الكون وتتعرض إلى المعضلات البشرية الكبرى ولو من الوجهة السلبية فقط. إذن، فان مطالبة رجال الأدب والفن بالاهتمام بالأخلاق ليس معناه محاولة تقييدهم بقانون لم يسن لأجلهم بل إنما يقصد منه تذكير بان الإبداع الفني والأدبي لا يمكن أن يبلغ الكمال إلا إذا استطاعوا التعبير عن تأثير العوامل والمقاييس الأخلاقية في آثارهم. . .
الفن والسياسة
ألمانيا الدامية
يحاول أنصار هيتلر في ألمانيا أن يستفيدوا من السينما أيضا في سبيل الدعاية الوطنية.
وقد عرض الآن في برلين (فيلم) يرمي إلى الدفاع عن الحكم الجديد. واسم هذا الشريط ألمانيا الدامية وهو عبارة عن صور تاريخية تمثل الحالة في ألمانيا قبل الحرب وفي أثناء الحرب ثم بعدها.
وفي الصور الأولى يظهر عهد غيلوم الثاني قبل الحرب كأنه من العصور الزاهرة السعيدة، ويسعى الفيلم بعد ذلك لتصوير انتصارات الجيوش الألمانية أثناء الحرب ثم توقفها فجأة بسبب خيانة الثوار الاشتراكيين الذين رضوا في معاهدة