فطبع سنة ١٨٩٢ رواية بيت الأرامل وفي سنة ١٨٩٤ رواية السلاح والرجل ومن تلك السنة بدأ نجمة بالصعود فلم يطلع فجر القرن العشرين حتى بلغ من الشهرة مبلغا عظيما، واستمر على التأليف بهمة لا تعرف الكلل ولا يزال حتى الآن، فكان عدد رواياته تسعا وثلاثين عدا القصص والنقد الروائي والموسيقي. ولقد نال جائزة نوبل الأدبية لسنة ١٩٢٦ البالغة أكثر من سبعة آلاف ليرة انكليزية فلم يبرد منها في كفه شيء بل دفعها إلى المعهد الانكليزي الاسوجي لتصرف في سبيل ترقية الآداب الاسوجية في البلاد التي تتكلم باللغة الانكليزية.
ويلاحظ أن جملة رواياته ألفها بعد أن بلغ الأربعين من عمره وان نصفها ألفه بعد أن كان في العقد السادس على أن الروايات الثلاث المعدودة خير آثاره وهي بيت كسر القلب والعودة إلى متوشالح وجان دارك ألفها وهو في العقد السابع من عمره
اظهر خصائص برنارد شو الشذوذ واعتبار الأشياء بخلاف ما يعتبرها الناس ولقد قال عن نفسه: أنا لا أشارك الناس في ذوقهم في الفنون ولا في حرمتهم للآداب المألوفة ولا في عقيدتهم في الدين ولا في إعجابهم بالبطولة. ومع أني ايرلندي فلا ادعي الوطنية لايرلندة ولا للمملكة التي خربتها. وكرجل إنساني امقت القسوة سواء أكانت في الحرب أم في الألعاب الرياضية أم في مجازر القصابين. نعم أنا رجل اشتراكي ولكن ابغض تكالب الاشتراكيين على المال.
ويعلل شذوذه بقوله: لي صديق طبيب مختص بأمراض العيون فحص ذات ليلة بصري وقال لي: إن بصرك طبيعي يرى الأشياء كما هي تماما ولكن تسعين بالمائة من الناس لا يتمتعون ببصر طبيعي. فما شككت أن بصر عقلي كبصر عيني يرى الأشياء كما هي ولكن لا كما يراها الناس.
إذا تقرر لديك ذلك فلا تعجب لما ستراه من آراء برنارد شو في الدين والعلم والسياسة والاجتماع والأدب فهو يرى - وذلك الرأي شائع في جميع رواياته - أن الله تعالى أو قوة الحياة كما يسميه، كائن يتكامل ويستعمل في سبيل غايته كل وسيلة، فإذا أضحت تلك الوسيلة غير صالحة أو أمكن أن يستبدل بها غيرها نسخ الأولى. وقوة الحياة عنده تتمثل في المرأة التي تقتاد الرجل ليكون أبا لأولادها.