وهو لا يحفل كثيرا بالمدنية الحاضرة ولا بالعلم بل يرى أن الإنسان الحاضر لم يرتق كثيرا من حيث المدنية والعلم على الإنسان قبل آلاف من السنين، ولكنه ارتقى بالتدمير وعمل الشر، فبناء البيوت لا يتغير في ألف قرن بمقدار ما يتغير شكل قبعة المرأة في عشرين أسبوعا، ولكن آلات الحرب التي لا تبقي ولا تذر لا يمكن أن تقاس بالقسي والسهام التي كان يستعملها القدماء. ومع ذلك فهو عظيم الأمل بالمستقبل يرى أن الإنسان سيتمكن من أن يعيش مئات من السنين حتى يكاد يكون خالدا وانه سيغير شخصيته وخلقه كما يريد. وقد عالج هذا الموضوع في روايته العودة إلى متوشالح فأتى على تاريخ البشر منذ آدم وحواء إلى الزمن الحاضر ثم صور المستقبل البعيد على أقصى ما يتخيله الفكر.
ويرى أن البشر سيأتي عليه زمان يدين بدين واحد ويتكلم بلغة واحدة أما ذاك الدين فهو الإسلام المجدد وأما اللغة فالانكليزية.
ولقد حمل حملة منكرة على رجال العلم والدين والسياسة وندد بالأطباء والمحامين وهزئ بعلمهم وقواعدهم، فالعلماء عنده بله والجامعات معاهد للغباوة، والأطباء جزارون يتقاضون على بتر أعضاء الناس وإزهاق أرواحهم أجرا قال: العالم كسول يقتل الوقت بالبحث فاحذر علمه
الكاذب واعلم انه اشد ضررا من الجهل وقال: عقل الغبي يحول الفلسفة إلى سخافة والعلم إلى خرافة والفن إلى حذلقة كما هو الشأن في تعليم الجامعات وقال: القادر على عمل يعمل والعاجز يعلم وقال: العمل وحده هو الطريق إلى المعرفة
وآداب المسيحية عنده لا تصلح للحياة العملية حتى ولا الأخلاقية وله في مخالفتها آراء منها قوله: لا تعامل الناس بما تحب أن يعاملك الناس به لان الأذواق قد تختلف ومنها: إياك ومقاومة الأهواء ولكن امتحن كل شيء ثم استمسك بالصالح ومنها: احذر ممن لا يرد لك لطمتك فانه لا يعفو عنك ولا يأذن لك أن تسامح نفسك وعنده أن من اعتاد أن يضحي بنفسه لا يحجم عن التضحية بغيره، ومن بدا بتضحية نفسه في سبيل من يحب انتهى ببغضه، وان نكران الذات ليس من الفضيلة في شيء ولكنه أثر الحنكة في الخداع. ورجال الحكومات عنده دعاة للوثنية يدعون الناس لعبادة أصنام من اللحم والدم فيعودون بهم القهقرى إلى مستوى المتوحشين الذين يعبدون أصناما من الخشب والحجر والفرق بين