عشرة قرون بالشريعة التي لم يبدلها العلم بل لم يزل جاداً وراء تحقيقها؟
وجاء أيضاً في قانونه ما حرفهوقد يعرض للمسلول أن يمتد به السل ممهلا إياه برهة من الزمن وكذلك ربما امتدا من الشباب إلى الكهولة وقد رأيت امرأة عاشت في السل قريبا من ثلاث وعشرين سنة أو أكثر قليلا
والبرهة لغة الوقت الطويل لاكما يظن البعض أنها الوقت القصير فيكون أمامنا قد ذكر الشكل المزمن من السل الأمر الذي لم يصرح به أحد من قبله.
وقد عرف ابن سينا السوس والزرنيخ والقطران والأقيون المستخرج من الخشخاش والكافور في معالجة السل وقال أن امرأة مسلولة بلغ من أمرها أن علتها طالت وأضنتها واستدعيت من تهيئ لها جهاز الموت فقام أخ على رأسها عالجها بأقراص الكافور مدة طويلة فعاشت وعوفيت فهو يشير باستعمال الكافور ويصف منه الجرعات الكبيرة ونحن نرى أن أطباء القرن العشرين وجراحيه قد عادوا إلى استعمال الكميات الكبيرة من الكافور وقرروا ما كان ذكره النابغة في بدء القرن الحادي عشر وقد أشار ابن سينا في معالجة السل بلبن الأتن النيئ وبين فائدته ولم يكن يعلم حينئذ أن في ذالك اللبن النيئ المواد التي لقبها الطب الحاضر بالحيوين أو الفيتامين ونسب إليها تلك الخواص الناجعة.
واتبع الأوربيون بعد أن انتقل الطب إليهم من العرب خطة ابن سينا في معالجة المسلولين بمضارة الحليب فأنشئت في النمسا وسو يسرة مراكز عديدة لهذه الغاية كان يؤمها المسلولون من جميع أقطار أوربة لتناول هذه المضارة فيها تناولاً منتظماً وكان يأتي المصل بفوائد جليلة يقر بها المسلولون. غير أنه أيحق لنا أن ننسب تلك الفوائد إلى مصل الحليب أم إلى السكن في تلك البلاد الجبلية المطلقة الهواء المعرضة لنور الشمس؟ ووضع ابن سينا شروطاً لتناول اللبن فقال ما نصه:
لو أمكن أن يمص اللبن من المرضع (وهو يعني ضرع لاتان) لكان أولىوقال أيضاًيختار من الأتن ما وضعت منذ أربعة أو خمسة أشهر وقالتغسل العلبة بالماء الحار ولاسيما إذا كان قد حلب فيها من قبل فتنقع فيه حتى يتحلل ما كان فيهاوفي هذا القول منتهى الحكمة لأنه لوحظ أن الحليب يختمر ويتبدل تركيبه ويعود مضراً وأن العلبة التي كان يحلب اللبن فيها قبل أن تغسل جيداً أداة ضرر شديد إذا ما جمع الحليب فيها فأشار بغسلها بالماء الحار