قال الثعالبي: سمعت أبا بكر الخوارزمي يقول: أنشدني الصاحب نتفه له، منها هذا البيت:
فأن هو لم يكفف عقاب صدعه ... فقولوا له: يسمح بترياق ريقه
فاستحسنه جداً حتى حممت من حسدي عليه، وودت لو أنه لي بألف بيت من شعري. قال الثعالبي: فأنشدت الأمير أبا الفضل عبيد الله بن أحمد الميكالي هذا البيت، وحكيت هذه الحكاية في المذاكرة فقال لي: أتعرف من أين سرق الصاحب هذا لبيت؟ فقلت لا والله. قال: إنما سرقه من قول القائل، ونقل ذكر العين إلى ذكر الصدغ:
لدغت عينك قلبي ... إنما عينك عقرب
لكن المصة من ريقك ... ترياق مجرب
فقلت: لله در مولانا الأمير، فقد أوتي حظا كثيراً من التخصص بمعرفة التخصص.
على أنه قيل في الوقت.
قال أبو المستهل: دخلت يوماً على سلم الخاسر، وإذا بين يديه قراطيس فيها أشعار يرثي ببعضها أم جعفر، وببعضها جارية غير مسماة، أقواماً لم يموتوا. وأم جعفر، يومئذ باقية فقلت له. ويحك! ما هذا؟
فقال: تحدث الحوادث فيطالبونا بأن نقول فيها ويستعجلونا، ولا يخمل بنا أن نقول غير الجيد فنعد لهم هذا قبل كونه، فمتى حدث حادث أظهرنا ما قلناه فيه على أنه قيل في الوقت.
ذاك لمن لا يسخف إلى بيت الزراجين.
قال عامر بن هشام القرطبي: قالوا:
الكفاف مقيم. قلت: ذاك لمن ... لا يسخف إلى بيت الزراجين
ولا يبلبله هب الصبا سحراً ... ولا بلطفه عرف الرياحين
ولا يهيم بتفاح الخدود، ورمان ... الصدور وترجيع التلاحين
تستعين به على صيانة جمالها، ورونق بجتها
قالت سلمى بنت القراطيسي من أهل بغداد وكانت مشهورة بالجمال:
عيون مها الصر يم فداء عيني ... وإيجاد فداء جياب
أزين بالعقود، وأن نحري ... لأزين للعقود من العقود