بذكرى مرور مائة عام على موته وكثيرون هم الذين يموتون هذه الميتة الشريفة فتبلى أجسادهم وأعمالهم معاً لأن الأمة التي ينتسبون إليها لا تكرم علماؤها.
وما أن انتصف القرن التاسع عشر حتى بدا إلى الوجود ذلك العلامة الألماني الكبير الذي كشف النقاب عن سبب السل فسكتت الألسنة وحسم الجدال وكان لاكتشافه الضجة الكبيرة في أقطار البسطة أعني به كوخ (١٨٤٣ - ١٩١٠) الذي لم تمر على موته أكثر من اثنتي وعشرين سنة. توصل هذا العلامة سنة ١٨٨٢ إلى كشف عصية السل فأثبت وحدة السل ونوعيته وعدواه. وكان كشفه أكبر برهان على صحة الفكرة التي جاء بها لنياك أو سداد الفكرة الفرنسية وانصع دليل على فساد الفكرة الألمانية المنافية لها وهي فكرة فيرخوف وريندهارت القائلة بعدم وحدة السل ورأي أمبيس الذي كان يعد السل الدخني مرضاً خاصاً لاعلاقة له بالسل. ولم يعد مجال للشك في عدوى السل هذه العدوى التي قالت بها الأجيال السالفة حتى إلى لنياك فنفاها وكان نفيه لها كما ذكرنا خروجاً على الحقيقة.
إنني أقف عند هذا الحد بعد أن استعرضت الأجيال جيلاً جيلاً منذ الهنود إلى القرن الماضي وبعد أن أوضحت تطور السل فيها وما أدخله كل قرن منها من الأمور الجديدة. أما تطور السل في القرن العشرين ولاسيما بما هو عائد إلى معالجته فإنني أضرب صفحاً عنه لأنه حديث العهد وقليلون هم الذين تفوتهم هذه الأمور الحديثة.