للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه لفظ هذه الكلمة التأهب السلي.

يتبين لنا من هذا أن الأفكار بدأت تتجه منذ بدء القرن التاسع عشر إلى توحيد المظاهر المختلفة التي يظهر بها السل وإن أطباء ذلك العصر بعد أن رأوا في العقد البلغمية والأحشاء والرئة درنيات متشابهة كل التشابه خالجهم الشك في أن هذه المظاهر جميعها ناتجة من سبب واحد. وجاء في الربع الأول من القرن التاسع عشر ذلك النابغة الكبير لنياك (١٧٨١ - ١٨٢٦) الذي فاق معلمه كورفيزار وسلح الأطباء بسلاح ماض في تشخيص أمراض الرئة والقلب وقد عني لنياك خاصة بالسل وأثبت وحدته بقولهأياً كان الشكل الذي تظهر به المادة السلية فهي في بدئها مادة سنجابية شفافة بعض الشفوف ولا تلبث أن تعود صفراء ظليلة قاسية جداً ثم أنها تلين وتميع ميعاً متجانساً شبيهاً بقوام الصديد فتتفرع في العقبان تاركة تجاويف تسمى قبلا قروح الرئة أما نحن فنسميها كهوف الرئة

فهل أجلى من هذا التصريح عن وحدة السل في ذلك الزمن الذي لم يبد فيه المجهر لعالم الوجود اكتشافاته العجيبة وأننا فقد ورد في كتابه ما نصه:

لا يخيل ألي أن الأثواب الصوفية وفرش المسلولين التي يحرقونها في بعض البلدان ولا يكادون يغسلونها في فرنسة قد نقلت السل إلى أحد.

مع أن من قلب تلك المؤلفات الطبية العديدة التي نشرت فبل عهد لنياك وقد استقينا منها الكثير من شواهدنا التاريخية يرى فيها المشاهدات المثبتة لعدوى السل وأظن أن الشك كان يخالج ليناك في صحتها وأنه كان ينتظر مشاهدة العدوى بعينه ليقر بها فلم يتح له ذلك لأن السل نفسه حصد بمنجله هذه الغرسة النضيرة. وقد أقر لنياك بالتلقيح إذ قال متسائلاً أيحدث التلقيح سلاً أو على الأقل سلاً موضعياً وأجاب عن هذا السؤال بقوله: ليس لي سوى حادثة واحدة أقدمها برهاناً على صحة التلقيح بالسل وهي وإن تكن مفردة جديرة بالذكر.

وقد كنا نتمنى لو أن تلك الحادثة لم تقع إذن لكانت طالت حياة هذا العالم ولكانت البشرية استفادت من علمه الجم وقد عني لنياك بتلك الحادثة المفردة نفسه لأنه وهو ينشر فقار مسلول سنة ١٨٠٦جرح سبابته اليسرى وقضى نحبه في١٣ آب سنة ١٨٢٦. مات هذا العلامة ضحية الواجب فعرف العالم قدره وهبت بلاده الفرنسية منذ سبع سنوات فاحتفلت

<<  <  ج: ص:  >  >>