تصحيح خطأها مع الاعتذار. هؤلاء ينبغي علينا أن نحيطهم بالتجلة والاحترام، وأن نزوده بكل ما نستطيع من المعلومات الصادقة دون زيادة أو نقصان لا كما تشاء مبالغتنا للأمور. إلا إذا كانت غايتنا الدعاية على شرط أن تكون هذه مرتبة أحسن ترتيب. هذا النفر من العلماء والمدققين يتخذون من المعلومات التي نزودهم بها أثناء مكوثهم أو مرورهم ببلادنا أساساً يبنون عليه آرائهم وأفكارهم. فإذا كان ثمة شيء من النقد الجارح فأغلب ما يعود ذنبه علينا من جراء المبالغة وتشويهنا الحقائق. أتى قبل مدة إلى دمشق بحاثة غربي درس أحوال المدينة من أكثر وجوهها ثم أراد أن يختم درسه ببحثه عن منازل دمشق. فاعتمد في تنفيذ خطته هذه على بعض الدمشقيين الذين طافوا به على أجمل وأعظم منازل المدينة فحسب. ثم طلب بعد مدة من أحد سكان الصالحية مساعدته على زيارة بعض منازلها فأراه هذا نماذج من بيوت الفقراء ومتوسطي الحال والأغنياء. فسر الرجل لذلك وقال لصاحبنا: أشكرك على أمانتك وسلامة طويتك. لقد أردت أن تعطيني صورة صادقة عن أحوال بلادك ولكن أتدري ما الذي فهمت من زيارتي منازل دمشق؟ - لا - فهمت أنه لا يوجد في دمشق فقراء. لأن جميع المنازل التي زرتها كانت على جانب من الأبهة والزينة، يعيش سكانها في بحبوحة زائدة.
أراد البحاثة أن يشير بهذه الكلمة الأخيرة إلى أن الشبان الذين قادوه إلى زيارة منازل دمشق خدعوه مع أن مثل هذه الخديعة لا تنطلي على أبسط الناس. تلك هي إحدى النقائص المستحكمة في نفوسنا. نخدع في غالب الأحيان أنفسنا من حيث نحاول خدع الآخرين. والأغرب من ذلك أننا نكابر بالمحسوس ونعتقد أن هذه المكابرة التي شفت أنفسنا ستشفي نفوس الغربيين وتستدل الستار على ما نتصف به من الجهل والضعف. إننا لا نحتمل أن يقال لنا: أنكم جاهلون متأخرون. يغيظنا ذلك فننشط في الحال لنفي هذه التهمة بأسلوب خاص بنا ومنطق غريب فنقول: لا فرق عظيم بيننا وبين أرقى الأمم الأوربية ولكن شاء الحظ أن نكون محكومين.
هذه جامعتنا تخرج لنا في كل سنة عدداً من خيرة الأطباء والمحامين والأدباء. وهذا مجمعنا العلمي يضم بين أعضائه أكبر أدمغة العالم العربي. وه نحن أصبحنا لا نختلف بأزيائنا وملابسنا عن الغربيين. ونضيف على ذلك: إن السوري أذكى من الغربي حتماً فقد شهد