بذلك أكبر العلماء ويعجب بنبوغنا الأميركيون. بعد وصوله بمدة قليلة إلى أمريكا يبز السوري أقرانه من سائر الأمم الأوربية حتى الأميركيون أنفسهم إلى ما هنالك من الأقوال التي يقولها السواد الأعظم من المتعلمين. لقد اعتدنا أن ننحي باللائمة على هذه الزمرة من علماء الغرب ونتهمهم بالتعصب لأننا ننفر من النقد ولا نحب مجابهة الحقيقة. يكفينا أن نرى في أحد الكتب الباحثة عن سورية صورة جمل شد إلى الصمد مع بقرة هزيلة حتى نقول: أن صاحب هذا الكتاب يريد إهانتنا وتشهيرنا في بلاده. ألم ير في كل سورية صمداً كدن عليه زوج من البقر المعلوف؟. لا أرى في هذه الصورة قصداً للحط من كرامتنا إنما أراد صاحب الكتاب أن يشير إلى درجة فقر الفلاح السوري الذي لا يقوى في أغلب الأحيان على شراء زوج من البقر. إن أمثال هؤلاء الغربيون لا ينظرون إلينا في بعض الأحيان كما نريد ولكن ينظرون إلينا في غالب الأحيان أحسن مما نريد. إن السوري لا يزال أعجز من أن يدرك حقيقة نفسه.
٣ - الأدباء والفنانون
هؤلاء الغربيون ولاسيما المصورون منهم والرسامون الموسيقيون والأثريون والفلاسفة والمؤرخون والاجتماعيون ودققوا خصائص البلاد ومزاياها هم حملت الروح الجميلة والنفوس البسامة والقلوب النقية هؤلاء هم القوم الذين لا يحق لنا أن نسيء بهم الظن بوجه من الوجوه. بل ينبغي لنا أن نبادر إلى خدمتهم ونتقرب منهم لاقتطاف أعظم الفوائد الممكنة. إنهم أشبه شيء بأشعة الشمس الوضاءة لا يهمها إلى كساء البدائع المستترة ثوباً من البهجة والألوان القزحية والأنغام. نعم قد يسوؤنا أن يضمن أحد الأدباء الحياديين كتابه شيئا من النكات أو الصور الجميلة التي لا ظل لها من الحقيقة في بلادنا أو التي لا تنطبق على الواقع. ولكن هل الذنب ذنبه إذا كانت جمعيتنا موصدة الأبواب وإذا كانت أجمل صفحات حياتنا محتجبة وراء أسوار بيوتنا العالية، وكانت أسرار حياتنا المنزلية الساخطة على العالم الخارجي تخشى أن يلامسها شعاع من أشعة البحث والتدقيق. أما المصورون والرسامون وسائر الفنانين فسأل السوريين أن لا يظنوا بهم إلا أجمل الظنون. يرى هؤلاء الفنانون في بلادنا من الجمال ما لا نستطيع أن نراه. فقد تكامل ذوقهم إلى درجة لا يستطيع أن يدركها المجتمع السوري. فهم أشبه شيء بمن قال: