بالخيزران، أنه لا يحفل بالتشبيه لأنه مقارنة بين صورتين (خارجيتين) ولكنه يعنى بالروح، يعنى بالرمز، وهو في الفلسفة، صلة بين لحظة من ديمومة الذات ولحظة من ديمومة الأشياء. يقول (البارناسيون) أن وظيفة الشعر هي أن يشبه ويصف. فالشعر عندهم (رسم ناطق)! وأما الرمزيون فيتخذون الشعر وسيلة لنقل القارئ إلى مثل العالم الذي عاشوا فيه لما نظموا قصيدتهم ولذالك يعنون كثيراً بالعنصر الموسيقي، ولكنهم لا يسمون الأشياء بأسمائهاحتى لا يفقد القارئ لذة الحزرولا يحللونها لأن التحليل يهدم الجمال، ولا يصفونها ولكنهم يصفون أثرها في نفوسهم. ومن ها هنا نشأ غموض الشعر الرمزي، لأن شاعر الرمز يخلع روحه على الأشياء، ويجب عليك أنت، لتذوق شعره، إن تتفهمه من خلال روحه، من خلال عبقريته، من خلال شاعريته التي لا تشبه شاعرية الآخرين. يقول (أريسطوفان): إن الرجل والمرأة كانا في بدء الكون مخلوقاً واحداً، ولكن آبولون قسمهما ذات صباح. فالحب هو سعي كل جزء من هذا الجسم إلى الجزء الذي يتممه، فلا يتوهمن أحدهما إن الرجل يبحث عن (الجمال المطلق) ويحبه، كلا، إنه يبحث عن جمال خاص يتمم به جماله، فيا رب امرأة تبدو لك لطيفة ويكرهها غيرك: ذلك لأن الجمال ليس له مقياس مطلق، فأنت تحب جمال امرأة معينة، لأنها تظهر مزاياك وتمم نقائصك وبكلمة أخرى أوجز لأنك تعتقد أن بها يكملنظامك. وهكذا شعر الرمز، يهوى الشاعر جمالاً خاصاً، فلكي يشركك في هواه يملأ قلبك بمثل مشاعره ويهدهدك بمثل الأنغام التي طرب لها، وهو لو وصف لك امرأة مثلاً بأسلوب الطبيعيين، أو وضع تمثالها بين يديك، ربما كنت لا تبالي بها!.
الرمز والمدارس القديمة
لا تفيد هذه التوطئة إلا إذا ذكر أن مدرسة الرمز مذهب حديث من مذاهب الخيال، فهي إذاً تخالف جميع المدارس التي تقدمها، وأكابر شعراء فرنسا اليوم رمزيون ومن ليس منهم رمزياً فهو متأثر بالرمزية إلى حد بعيد.
تخالف مدرسة الرمز
١ - النظمية من السخر أن نسميها مدرسة! - أن النظامين يعرفون الشعر كما عرفه بعض قدماء العرب بأنهكلام مقفى موزونوهذا تعريف أضاع قيمته، فما كل كلام منظوم يسمى