أخطار إذا هي تجردت عن مقوماتها واندحرت أمام هجمات الدول الغربية ويرى رجال هذه الحركة أن سيادة الغرب الحاضرة وسيطرته على جميع العالم في العصور المتأخرة لا ينبغي أن تكون أكثر من فترة تاريخية تنقضي بعد أجل محدود ربما كان ليس بعيداً. ولا يستبعد هؤلاء انتقال القيادة في خدمة الحضارة البشرية إلى الشرقيين من جديد كما كانت لهم قبلاً مدة عصور طويلة، ثم هنالك كثير من الغربيين والشرقيين يقولون متفقين، أنه ليس في خير البشرية أن تزول الحضارات المختلفة وتقوم مكانها حضارة واحدة وعلى الأخص حضارة مثل الحضارة الغربية التي تتسكع في طريق الرأسمالية القذرة وتتخبط في ظلمات المادية الدنسة والتي لا ينكر حتى أشد أنصارها تعصباً أنه يشوبها كثير من النقائص وأنها تلازمها الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية منذ ولادتها إلى يومنا هذا الذي انتشرت فيه الفوضى وساد الاضطراب وعم البؤس بسبب فساد هذه الحضارة. وأخيراً فإن التطور التاريخي منذ أول القرن التاسع عشر قد زاد في شقة الخلاف بين الشرق والغرب ويمكن أن ندعي أن الأوروبيين هم الذين اختلقوا هذه الفروق بينهم وبين الأمم الأخرى في آسيا وأفريقيا بعد أن عمدوا إلى جميع الوسائل للقضاء على كيان هذه الأمم ومحو آثار حضارتها القديمة فكان من الطبيعي أن يظن بهم الشرقيون أسوأ الظنون ويروا سيطرة الغرب مداهماً يهدد الشرق. . . .
لنستعرض قليلاً أقوال بعض الرجال البارزين في أوروبا عن علاقة الشرق بالغرب. فهذا الشاعر الانكليزي الشهير (رديارد كيبلنغ) يقول في أبيات مشهورة إن الشرق والغرب عالمان متباينان لا يمكن أن يلتقيان.
وهذا اللورد (كرومر) ثم حاول إثبات الاختلاف بين الشرق والغرب بذكر بضع نكات وفكاهات تافهة. فأدعى مثلاً الشرطة الهندية، إذا رأى في الطريق قطعة من الورق ربما يلتقطها ولكن بأصابع رجليه بينما زميله الإنكليزي يقبض عليها بيده وإن الشرقيين يسترون آذانهم قبل كل شيء إذا أشتد البرد بينما يسعى الأوربيون لإخفاء أنوفهم الحمراء. ربما كان في هذين المثالين شيء من الفكاهة تختلف الأذواق في تقديره ولكن الذي يصعب على أكثر العقول معرفة هو كيف يمكن الاستبدال من هذين المثالين وما شابههما على تباين الشرق والغرب في الحضارة. وهناك كاتب آخر يستشهد به اللورد (كرومر) وهو