(مونتاين) الذي كان حاضراً في المجلس، بهؤلاء الهنود كثيراً ورغب إلى ضابط شاب من مواطنيه أن يرافقه إلى مقابلتهم في منزلتهم البسيط. وقد خاطبهم (مونتاين) قائلاً:
- يا أصدقائي الأعزاء، إنكم قد شاهدتم بلادنا وعرفتم بعض عاداتنا وأنظمتنا التي تختلف بلا شك عن عاداتكم وأنظمتكم. فما هو أغرب ما رأيتموه لدينا؟ ظل الهنود الثلاثة صامتين برهة يفكرون ثم رمى أكبرهم سناً نظرة فاحصة إلى رفيقيه كأنه يريدان أن يتأكد من اتفاقهما معه في الرأي ثم قال: - مما استرعى شديد تعجبنا قبل كل شيء أن رأينا حول الملك عدداً كبيراً من الرجال الأقوياء الأشداء وكلهم قد استدل الشعر على ذقنه واستصحب معه أكثر ما يمكن من الأسلحة. يرضون بالخضوع والانقياد إلى صغير يطيعون أوامره بذل. فلماذا لا يتفق هؤلاء على انتخاب أحدهم رئيساً يعهدون إليه بالقيادة؟ كان الضابط الشاب عند سماع هذا الجواب، قد استولت عليه الحيرة، لا يعرف هل ينبغي عليه أن يسترسل في الضحك
أم أن يشير إلى هذا الرجل الغريب الناشئ في حضن الطبيعة بالاحتراز من ارتكاب مثل هذه المعاصي الكبيرة. على أن (مونتاين) الذي كان يحمل معه في الحرب أيضاً، كتاب (بلوتارك) والذي كان معجباً بكتاب الجمهوريات القديمة شجع الهنود في الدوام على الحديث فقال أكبرهم سناً:
-. . . ثم قد لا حظنا أن عندكم بعض أشخاص يملكون كل وسائل الراحة والرفاه بكثرة ويتمتعون بجميع الخيرات والملذات دون حساب بينما معظم الناس الآخرين يعيشون في منتهى الفاقة ويتضورون من الجوع ويستولون أمام بيوت الأغنياء فإننا لا نستطيع أن نفهم كيف يرضى مثل هؤلاء المعدمين المساكين بهذا الظلم ولا يهجمون على الأغنياء المترفين ويمسكون بحلاقيمهم ويحرقون قصورهم. . . لم يكد الضابط الشاب يسمع هذه الكلمات حتى قام مذعوراً من مكانه وقال لنذهب فليس لدينا متسع من الوقت. إنه كان لا يريد كان سافر إلى العالم الجديد وتعلم لغات عدة قبائل هناك وكان الآن مستخدماً في بلدية (روئن). وقد لاحظ (مونتاين) ذلك أيضاً ورأى من الأدب أن لا يكثر الأسئلة على الضيوف الغرباء فقام وشكرهم على أجوبتهم ثم انصرف مع الضابط وسارا في الطريق صامتين كل واحد منها غارق في أفكاره. . . وقبل الوصول إلى المسكن انطلق لسان (مونتاين) بالكلام فقال