وصف ساحة الأسود أيضاً: وكيف ماالتفت المرء لا يسمع سوى خرير مياه انسابت بين أعمدة رخامية تشبه بكثرتها ووعها غابة من النخيل، فكنت هناك أشعر كأنني أسير في وسط غابة طبيعية بين صوت مياه ومنظر أشجار ورائحة أزهار وترديد طير وفاكهة متدلية وعبير وزهر وظل ظليل. إنما هذه غابة من المرمر هذبها الفن فردها جنة غناء تذهل العقول. على أن المؤلف لم ينفرد وحده بهذه العاطفة التي ولده سحر الحمراء في نفسه لأن كل الذين زاروا قصور غرناطة تحيروا في وصف آثارها العجيبة. ولعل دراسة آثارها بصورة علمية دقيقة يحتاج إلى الإقامة فيها وقاتاً طويلاً كما فعل الفنان (رينول) وهذا ليس بوسع كل زائر. فرحلة الأستاذ فروخ إلى بلاد المجد المفقود ليست رحلة عالم بل هي حلة فنان أو هي رحلة عاطفة من العواطف النبيلة ازدانت من الوصف والنقش والوشم وتضمنت شيئاً من الالتفات إلى الماضي. ونعتقد أن هذه النظرات التاريخية التي ضمه إلى وصفه الفني وعاطفته الإبداعية شوهت جمال الفن الذي جاء في الكتاب كما شوهت بعض آثار شار لكن جمال الفن الأندلسي. وحبذا لو اقتصر الأستاذ فروخ على هذا الوصف الفني الذي امتاز به وأعرض عن ذكر ما لا يهم القارىء من سياحته كسفر القطار من باريز ووصوله ودخوله المطعم وحديثه مع صاحبة الفندق وغير ذلك مما لا حاجة لنا به. زكنا نود أيضاً لو دقق الأستاذ في لغة الكتاب قبل طبعه لأن هناك هفوات لا تخفى على القارىء.
ج. ص
الشيعة
تأليف السيد محمد صادق الصدر
يقول أحد المستشرقين أن الشرقيين بعيدون جداً عن كل فكرة تاريخية. والمقصود من الفكر التاريخي أن نسعى لفهم الوقائع الماضية من روح العصر الذي حدثت فيه وأن نتجرد عن جميع الصلات التي ربما كانت لا تزال تربطنا بتلك الوقائع الغابرة. ويضرب هذا المستشرق مثلاً بين السنة والشيعة فيقول أن الناس في الشرق لا يستطيعون حتى يومنا هذا البحث في خلافة علي بن أبي طالب وفي النزاع بينه وبين معاوية بن أبي سفيان ثم في مقتل الحسين بن علي دون تصعب وانحياز إلى أحد الطرفين. وحقاً إنه لمن الغريب