من الكافئين. أن الفنجان الواحد من القهوة القوية يحتوي على ٣٠سنتيغرام من الكافئين. أما الكمية المعتدلة فهي أن يحتوي فنجان القهوة على ١٢ سنتيغرام من الكافئين أو على ١٦ غرام من القهوة. إن هذا المقدار الأخير معتدل وهو منبه للقلب والأعصاب معاً. ولكنه إذا تجاوز هذا الحد صار مضراً جداً فإذا شرب الإنسان مثلاً ثلاثة فناجين تحتوي على ٣٦ سنتيغرام من الكافئين أحدثت هذه الكمية فيه دوخة وإذا شرب أربعة فناجين ازدادت ضربات قلبه وأصيب بهزات جسدية، وفوق هذه الكمية تولد القهوة فيه (التتانوس) والتبريد. فالمقدار المعتدل من القهوة قليل الضرر لأنه منبه ملائم فيعدل الدورة الدموية ويحرك الفاعلية الذهنية فيبعث ألذة والراحة. قال (ميشيل لفي) إن الأذهان البطيئة الجامدة تجد في القهوة واسطة لتسهيل أعمالها. القهوة لا تخلق الفكر في الدماغ الأبله ولكنها تحرك ملكات الإنسان الذكي، فتوسع خيال الشاعر، وتحيى ذاكرة الأستاذ وتجعل القلم سيال المعاني والشفاه متدفقة الألفاظ على أن هذا المنبه المعتدل ينقلب بالتكرار إلى عادة واحتياج فيصعب على الإنسان إذ ذاك أن يباشر أعماله اليومية مادية كانت أو معنوية دون قليل من القهوة.، وإذا أصبح شرب القهوة حاجة طبيعية انقلبت فائدتها إلى مضرة، وأصبحت سماً قاتلا يفسد الأعصاب ويشوش ملكات العقل. قال الأستاذ (شارل ريشة) الإفراط من القهوة تفريط في ملكات العقل. فالقهوة توقظ الفاعلية وتقوي الإرادة وتدفع المرء إلى العمل ولكنها تمنعه من العمل العقلي الهادئ فلا يستطيع أن يقرأ ولا أن يكتب بصورة طبيعية. فهي تقوي الإرادة وتدفع الانتباه والذاكرة إلى العمل الشديد الدائم. إلا أنها تخدر في النهاية فعل العقل، لأن الذي يرغب في الكثير يقع في القليل. وكلما زاد تهيج الإرادة خفت قوتها وتناهى فعلها، فكأن القهوة تحدث في الجسد والنفس ما يحدثه الكحول من التخدير. وإذا استمر الإنسان على التسمم بالقهوة أصيب ببعض الأمراض النفسية والجسدية منها تهيج ملكاته النفسية بصورة مشوشة، فيزداد الاضطراب وتكثر الحركات وتهتز الأعضاء ويتكرر الخفقان ويصبح التنفس صعباً ويتولد القلق وتضعف الذاكرة ويظلم الخيال ويصاب الجسد بالنحول والتعب. فالقهوة غذاء جيد إذا مزجت بشيء من الحليب ولكنها تصبح سماً قاتلاً إذا تجاوزت حد (الفناجين) في النهار.