أوروبا وهو في طريقه إلى العراق فلما حظيت بالمثول بين يديه بادرني بتعداد الخطيئات التي ارتكبت في سوريا وكانت سبباً في اعتزال رئاسة الوزارة.
قائلاً أنه لا يزال يذكر بألم عظيم قيام بعض زعماء البلاد الذين وضعوا العقبات فطريقه، وإن هذا الألم كان أشد وقعاً عليه من الصدمات التي تلقاها من الغرباء فقلت له أن الحياة دروس وعبر فلا يأس بمثل هذه الصدمات. وقد أجاب على ذلك قائلاً أن الدرس الذي تلقاه في سوريا قد نفعه كثيراً في العراق وأنه يأمل من إخوانه السوريين أن يكونوا بعد الآن على أتم الوفاق والاتحاد واليقظة في أعتمالهم وليعلموا أن الشعب وديمة الله في أيدي زعمائه وقادة الرأي فيه وأن هؤلاء، مسؤولون عن هذه الوديعة التي يجب أن يحسنوا الخدمة لها والاحتفاظ بها حتى لا يقعوا رمة ثانية في هوة سخيفة، ثم صرح جلالته أنه رغم ما صادفه من المعاكسة سيظل يبذل كل جهده لخدمة سوريا وفكرة الوحدة العربية على قدر طاقته.
وقبل أن أختم هذه الذكريات أريد أن أقول أن موت فيصل فقدان عظيم للأمة العربية وضربة مؤلمة لأمانيها القومية ويجب أن لا ننسى أنه رحمه الله، كان أعظم شخصية في العرب وأكثر الزعماء نباهة وفطنة كما أصبح بعد ممارسته السياسة ردحاً غير قليل من الزمن ذا حنكة سياسية كبيرة يفضل ماله من الذكاء الطبيعية وقد شهد له كبار رجال السياسة الأجانب أيضاً أنه رجل مخلص وجندي صادق وصديق وفي وسياسي قدير شديد العزيمة كثير الحزم ذو شخصية جذابة.
وبهذه المزايا قد استطاع أن يصبح رمز الاستقلال وممثل النهضة العربية ورسول وحدتها وداعية السلام في الشرق.
أنه عاش للشعب ومات شهيداً وضحية في سبيل القضية العربية.
والألم العظيم الذي أصابني لفقد جلالته يدفعني لدعوة بني قومي إلى الانتباه واليقظة ويجب أن يعلموا أن الأمة العربية حبة لن تموت تطلب منهم العمل بإخلاص وعزم وحزم وجرأة وتضحية في سبيل القضية العامة متمسكين بالمبادئ السامية التي سار عليها المرحوم فيصل والخطط القويمة التي رسمها والقواعد القيمة التي وضعها. وينبغي أن يكون رائدهم مصلحة العرب فقط فلا يخشون إلا حساب التاريخ ولا يعتمدون إلى على الله وعلى