إذن صار للنفط اسم جديد في اللغة العربية وهو (الكحل) وقد جاءته هذه التسمية من كونه أسود ككحل الأثمد الذي اشتهر بسواده أو من كونه تعالج به بثور الجرب فيكون كحلاًَ لها ككحل العين الذي يكون مائعاً كما يكون مسحوقاً. .
ثم على تمادي الأيام أصبح (الكحل) من اسمه النفط وتنوسى فيه سبب الوضع والتسمية. وقد تخطى العهد الجاهلي والعهد الأموي حتى بلغ عهد العباسيين الذي اشتغل فيه علماء العرب بفنون الطب والفلك والكيمياء والتجارب فيها وبلغوا من هذه العلوم مبلغ الاكتشاف من ذلك اكتشافهم مادة كيماوية سائلة بيضاء اللون تشتعل بسرعة ولما رأوا هذه المادة تشبه النفط الأبيض النقي أطلقوا عليها اسماً من أسمائه المعروفة في الجاهلية وهو (الكحل) وصاروا في كتبهم الكيماوية يستعملون كلمتين كلمة (النفط) مريدين بها الزيت المعدني المعروفة وكلمة (الكحل) مريدين بها مادتهم المكتشفة الجديدة.
ووصلت كتب العرب في الكيمياء إلى علماء الإفرنج فعرفوا لهم فضلهم في اكتشاف هذه المادة العجيبة النفع وقد سموها هم (سبيرتو) لكنهم مع هذا رأوا من وفاء الذمم أن يحافظوا على اسمها العلمي العربي الذي اصطلح عليه كيمايو العرب وهو (الكحل) لكنهم حرفوه إلى ما يناسب وطانتهم فقالوا (الكحول) أو (الكؤول).
وخلاصة القول أن علماء الكيمياء العرب سموا روح (السبيرتوا) باسم من أسماء النفط وهو (الكحل) وذلك مذ رأوا الشبه تاماً بينهما من جهة البوعة وبياض اللون الضارب إلى زرقة أو صفرة وقابلية الاشتعال.
أما الذهاب على أن الكحول في كتب الإفرنج محرفة عن الغول الواردة في قوله تعالى في صفة الآخر لا غول فيها فهذا يستدعي أن يكون كيمايو العرب استعملوا في كتبهم كلمة الغول القرآنية ثم أخذها الإفرنج عنهم ورأوا عليها حرف الحاء فقالوا الفحول ثم الكحول مع أن العرب لم ينقل أنهم استعملوا كلمة الغول بالغين كما أن الإفرنج لا يوجد في لغاتهم حرف الحاء فضلاً أن يخترعوها ويدسوها في كلمة الغول.