بكثير مما كان اشتراكياً. والفوضوي في عرف موسوليني هو ديكتاتور بالناقص، أي دكتاتور غير منصوب. وبالتالي الفوضوي فوضوي لأنه ليس بدكتاتور.
ونرى كذلك أنانية موسوليني وحبه للسيادة في ناحية الانتقام التي تنطوي عليها نفسه فإن حب الانتقام طبع يرافق الأثرة، وتحترق له شعلة أكّالة في قلب من رفع هيكل عبادته أمام شهوات أنانيته الفردية.
في سير الحركات المجموعية، التي تسير بجاذبية المثل الأعلى، لا نجد أثراً للانتقام الشخصي عند الأفراد القائدين لتلك الحركات. فالثورة الإفرنسية، مثلاً، وقعت فيها فظائع. بيد أن فظائعها ما كان لتتصف بأية صبغة أو شهرة مفترسة يضمرها إبطالها، كما وأنها لم تتصف بحب التعذيب الذي يرافق حب الانتقام، إن رجال الثورة الإفرنسية لم يقتلوا ولم يسجنوا أحداً. هي الثورة التي قتلت وسجنت والثورة كانت بحالة اجتياح، هو المثل الأعلى الذي قتل وسجن، ومع ذلك لم يكن في فظائع الثورة شيء من هذه الخلة الحيوانية، خلة التلمظ والتلذذ بألم لم يكن بألم الفريسة الضعيفة - غرام التعذيب. أما رجال الثورة الباروزن المتطرفون، فالمعروف عنهم أنهم كانوا أفراداً أنكروا نفوسهم لدرجة أن بعضهم - خصوصاً ماراً وروبسبير - أهملوا أكلهم وملبسهم وخصوصياتهم الصغيرة. كان الواحد منهم يبدو كأنه لا وجود له، وكان الوجود جميعه عندهم فكرة يجب أن تتحقق. مثل هذا يقال أيضاً في كرومويل وفي رجال الثورة الروسية.
لكن بالعكس من ذلك، نلاحظ في الحركات التي لا ترافقها جاذبية من المثل الأعلى، والتي لا تتقدمها شخصيات وأغراض متلاشية في شخصية المجموع وأغراضه، إن الروح الانتقامية الفردية مع ما يلحق بها من حب التعذيب تكون فيها سائدة مديرة. من يدرس نابوليون يشعر أن حياة هذا الرجل كانت منذ أول ما ظهر وأول ما عمل سلسلة من حوادث الانتقام ابتدأت معه بصورة فردية صغيرة، ثم امتدت به وتوسعت حتى أدخلت جميع أوروبا في شراكها. كذلك موسوليتي، على بعد النسبة بين حجمه وحجم نابوليون، كان مسيراً بعاطفة الانتقام الملازمة للأنانية الطموحة اللامبالية المحضية كل شيء من أجل أنانيتها. كان يتكلم مع لودفيغ عن سجونه، عن أنه استفاد وسر من سجونه، وأنه قرأ فيها مرة قصة دون كيشوت وعندما سأله لودفيغ بنكتة: