نوجه أهمها إلى الأستاذ مونيه نفسه بعد أن انتهى من إلقاء هذه المحاضرة نفسها على جمع من أساتذة باريز والمتشرعين فيها. ووجوه هذا النقد يمكن تلخيص أهمها بما يأتي:
إن الأستاذ مونيه وهو أستاذ في التشريع لا في علم الاجتماع لم ينظر إلى العائلة كوضع اجتماعي فيصف قبل كل شيء المراحل التي اجتازتها العائلة منذ القدم فهو يتكلم عن العائلة كما كانوا يتكلمون عنها قبل أن يكون لعلم الاجتماع قواعد وأسس مقررة لا محيد عن الرجوع إليها في درس الأوضاع الاجتماعية. فالعائلة الإسلامية كغيرها من العائلات اجتازت مراحل كثيرة في مختلف البلاد الإسلامية لابد لمن يعالج هذا البحث من الاطلاع عليها حتى لا يتسرع في حكمه تسرع الأستاذ مونيه، وهنالك فوارق كثيرة بين العائلة في المدن والقرى ولدى الإعراب المتحضرين والبدو الراحلين لابد من ذكرها أيضاً حتى يمكن وصف الصورة صحيحة كما هي فليس من الصحيح أن يحكم بان الصفة التي تميز العائلة الإسلامية عن غيرها هي السلطة الأبوية كما هو الحال في العائلة الرومانية القديمة، فالمرحلة الأخيرة التي اجتازتها العائلة الإسلامية في المدن حتى أصبحت تتألف من الزوج والزوجة والأولاد مستقلين عن العائلة الكبيرة لا تفرق بشيء عن العائلة الأوربية. وإذا وصلت العائلة الإسلامية إلى هذه المرحلة الطبيعية من مراحل التطور الاجتماعي فليس معنى ذلك أنها أصبحت غربية وغير مسلمة. والأغرب في محاضرة الأستاذ مونيه أن يذكر حادثاً من الحوادث الاجتماعية شاهده في شمال أفريقيا ثم لا يلبث أن يقول أن هذا الحادث موجود في جميع البلاد الإسلامية دون أن يؤيد ذلك بالأوضاع الاجتماعية الموصوفة في بقية البلاد الإسلامية المتعددة الأقطار المترامية الأطراف.
لقد ذكر مثلاً أن ذبح الضحية قبل دخول العروس إلى بيت زوجها هو من التقاليد التي لا محيد عنها في بلاد المغرب وهكذا الأمر في بقية البلاد الإسلامية مع إننا لم نقع على أثر لهذه العادة عند المسلمين في سورية إلا عند قبائل البدو الراحلة أو عند بعض الأعراب الساكنين في المضارب وهنالك أمثلة أخرى ذكرها المحاضر الأستاذ مونيه وخصصها بالبلاد الإسلامية دون أن يتحقق منها فكانت مجالاً لعجب من حضروا محاضرته ولقد عجبنا مع من عجب ونحن نستمعها في دمشق كما عجبنا ونحن نستمعها في باريز كيف أنه يعمد إلى هذا التعميم السريع دون أن يؤيده بالحادثات الاجتماعية ويضرب عليه الأمثلة