وكل من مارس الترجمة قليلاً عرف ما في تعريب الكتب العلمية من العناء. وقد وفق الدكتور نصري في تعريبه إلى وضع بعض الاصطلاحات الفلسفية الجديدة ولكنه خالف بها كلام فلاسفة العرب هذا فضلاً عن أن بعضها لا ينطبق على المعاني الأصلية كقوله الحس العضلي في ترجمته) بدلاً من حسن الحركة، وكقوله في ترجمة عبارة ' لا علم إلا من العام بدلاً من أين يقول لا علم إلا بالكليات وفقاً لكلات العرب الذين نقلوا عبارة آريسطو هذه إلى اللغة العربية قبل أن ينقلها الأوربيون إلى لغاتهم. وكقوله الرصد بدلاً من الملاحظة في ترجمة كلمة - وكقوله سوقراط بدلاً من سقراط، وكقوله علم الحكمة بدلاً من علم الطبيعة أو (الفيزياء) وكثير من مثل هذه الألفاظ التي لا يمكن ذكرها هنا.
وقد أكثر الدكتور نصري من ذكر الاصطلاحات الفرنسية إلى جانب الاصطلاحات العربية حباً بالمحافظة على الأصل، فوقع في كثير من الأغلاط المطبعية التي لا يمكن تجنبها لجهل عمال المطابع اللغة الفرنسية وقد صحح في الخطأ والصواب كثيراً من هذه الأغلاط المطبعية إلا أن هناك بعض الأغلاط التي خفيت على المصحح كقوله (ص - ٨) بدلاً من وقوله (ص - ١٧) بدلاً من
ونحن وإن كنا لا نوافق الدكتور نصري على مذهبه في الترجمة فإننا نشكره على هذه الجهود التي بذلها في المحافظة على الأصل حتى أخرج هذا المؤلف القيم إلى اللغة العربية. وتعتقد أن الترجمة الحرفية تضيع المعنى وتشوش الفكر وتزيد الغموض وها نحن ننقل للقراء مثالاً من هذه الترجمة الغامضة التي تدل على أنه خير للمعرب في بعض الأحيان أن يتصرف بترجمته تصرفاً قليلاً من أن يحافظ على الأصل محافظة عمياء.
فمن هذه القطع الغامضة قول الدكتور (ص١٤) يجب أن نفهم أن الغاية الأساسية الحقيقية من تمحيص الطبيعة هي جعلها خاضعة لعلم البشري، لأن معرفة قوانين الحادثات التي تساعدنا أبداً على تنبئها، تستطيع وحدها أن تصل بنا في الحياة الفعالة إلى تعديل حادثة باخري، حسب ما تقتضيه مصلحتنا. وإن وسائلنا الطبيعبو والمبشارة المؤدية لتكييف الأجسام التي تحيط بنا هي ضعيفة جداً وغير متناسبة بوجه من الوجوه مع احتياجاتنا، فلا نوفق للقيام بعمل كبير، ما لم تسمح لنا معرفة القوانين الطبيعية بإدخال بعض العناصر