وكنت تراه أحياناً يرتاد حدائق دمشق وملاهيها وآثار النعمة فاشية فيه وبادية على محياه الطلق وهو ينفق بحساب أو بدون حساب مما أغله تراب الغوطة المخصاب. وكان إذا حل جابي بيت المال في القرية تلقاه أهلها ببشر فأطعموه وعلقوا على دابته ونقدوه الضرائب وصرفوه حامداً محموداً. أما اليوم فكأني بالجباة أنفسهم قد أصبحوا بائسين في خلقان من الثياب وكأني بجيادهم العراب قد تبدلت فصارت فسأكل من الأكاديش الهزيلة. . . . ولو ظل هؤلاء الجباة أياماً طوالاً يستقصون بيوت القرية وحقولها شبراً فشبراً لما وقعوا فيها على فلس يرضون به رؤساءهم. فلك الله أيها الفلاح المسكين ما أشقاك.