٢ - الطبقة الثانية: أعراب الحاضرة أو عربان الديرة أو الرعية النصف رحل باصطلاح الإفرنج، وهم أهل الغنم والمعز ومستثمرو الأرضين بالحرث والزرع يرحلون في الشتاء إلى البادية انتجاعاً لمرعى غنمهم ودفئهم ويعودون في الصيف إلى قراهم وضياعهم، ويأوون إلى الخيام بيوت شعر أو إلى القباب وبيوت الحجر حسب اللزوم والفصول، منهم من يتخذ الحمير في تشريقه وتغريبه أو تنقله من مكان إلى مكان آخر كأكثر بطون قبيلة الحديديين ومنهم من يتخذ الإبل والحمير معاً كبني خالد والنعيم والفواعرة وغيرهم ممن سنأتي على ذكرهم. وهم يشبهون في الجملة الطبقة الأولى في طباع البداوة والجفلة وانتهاك حمى الطبقة الثالثة وأهل الحاضرة عند سنوح الغفلة إلا أنهم يختلفون بأنهم لا يعاملون في عرف البادية معاملة أولئك فلا يردون النقا أي لا يشهرون عليهم الحرب ولا يحفظ لهم صحب أي لإيجار الملتجئ إليهم بل لما كانوا رعية يؤكلون ولا يأكلون. ويختلفون أيضاً بأن لهم استعداداً بارزاً للتحضر وعلائق جمة مع أهل مدن حلب وحماة وحمص ودير الزور يشاركونهم في تربية الغنم وتجارة السمن والصوف التي تدر عليهم وعلى شركائهم في سني الخصب ثروة غير يسيرة، وبأن لهم قرى وضياعاً يقطنون فيها ويستثمرون أرضها، وإذا شرقوا لا يبعدون كالطبقة الأولى فلا يتعدون جبل البلعاس وجبال تدمر وفيافيها وهم يدفعون للدولة عدا ضريبة الأغنام العشر عن الزروع والوير كوعن الأرضين فقط.
وثمة قبيلة واحدة تدعى الموالي تشبه الطبقة الأولى والثانية معاً في بعض الأمور وتختلف في أخرى. فأعراب الموالي أهل أبل وغنم وقرى لكن أبلهم ليست من الوفرة بدرجة البدو وتربيتهم للغنم واشتراكهم مع الحضر واستثمارهم للقرى أقل أتقاناً من الرعية.
ومشابهتهم للطبقة الأولى في أنهم يردون النقا ويعطون الصحب لأنهم أهل حرب وضرب وأقوال وأفعال.
اشتهر أفرادهم بالفروسية والشراسة وأمراؤهم بكرم المحتد وعراقة النسب. وإذا اجتمع رؤساء قبائل الطبقة الأولى في المؤتمرات التي تعقد الحين بعد الحين في سلمية أو تدمر أو خلافها من البلاد التي على سيف البادية لفض الفتن التي لا تخلو من النشوب بين القبائل يحل أمراء الموالي صدور المجالس بينما رؤساء الطبقة الثانية عليهم الوقوف في أبوابها