الثالث قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان منه نسخة خطبة في دار الكتب الخديوية في مصر وقيل أن في أحد الأجزاء التي لم تطبع بعد من مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري المتوفي سنة ٧٤٨ ذكراً لمنازل العرب كما كانت في زمنه، وقيل أيضاً أن لابن حزم الظاهري المتوفي سنة ٤٥٦ كتاباً اسمه جمهرة النسب في معرفة قبائل العرب مخطوط في دار الكتب الخديوية. ولم يسعدني الحظ بالوصول إلى هذه المخطوطات الأخيرة وإن كانت تشمل العصور البعيدة عن درسي وتنقيبي.
أما المتأخرون إذا استثنينا الفاضلين الذين كتبا عن أعراب شرقي الأردن وبئر السبع، فقد أهملوا البحث عن قبائل الأعراب سيما ما كان منها في شمالي الشام ووسطه كما أهملوا كثيراً مما يتعلق بجغرافية البلاد الشامية ووصف بلدانها وخططها ومسالكها وسكانها وآثارها وصرنا في هذه المواضيع يا للخجل عالة على رحالة الإفرنج ومستشرقهم الذين استنفضوا كل بقعة من بقاعنا ومدينة من مدننا وبادية من بوادينا وأجادوا وأفادوا في وصفها من نواحي الطبيعة والتاريخ والآثار والعمران والأنساب وكتبوا فيها المجلدات الوفيرة، منها في الفرنسية مما يتعلق بموضوعنا وحده رسالة (بدو البلاد التابعة لحكومة دمشق) للكابتين رينو طبع في سنة ١٩٢١ وكتاب (في بلاد الشام مع البدو) للكومندان موللر طبع في سنة ١٩٣٢، وكلا المؤلفين من عمال الإدارة الفرنسية الخاصة بقبائل البادية.
أما غايتي في هذه العجالة فهي ذكر بعض ما فعله الأعراب خلال القرون الماضية في شمالي الشام وبيان أثرهم في أحداثه ومصائبه للاعتبار بما كان ولا يزال عليه هؤلاء ورؤساؤهم من حب الغارات واستباحة حمى المعمور من البلاد والاشتراك بكل انتفاض واغتنام فرصة كل فوضى والنوال من الغريب والقريب على السواء واستدرار المغانم والعطايا من أي نبع كان والخنوع أمام القوي والتنمر في وجه الضعيف، ثم للتوصل إلى معرفة أنساب من هم في عهدنا وأحداثهم التي تكاد تضيع لفقدان من يعنى منا بهذه الأمور التي عني الأسلاف والإفرنج أي عناية كما قدمنا وهي أمور في ظني لها شأنها وخطرها في تاريخنا الحديث، ثم للتمكن من ربط معاصرينا منهم بأسلافهم وأخص بالذكر أمراء الموالي بآل عيسى بن مهنا وأجدادهم آل الفضل وآل الجراح وآل ربيعة الطائيين، هذا