أعراب زماننا يجهلون شأن هؤلاء الأمراء ويحلونهم الصدر الأول في المجالس والمؤتمرات التي يحضرها كبار مشايخ البادية ورؤساؤها. وقوى ظني هذا الذي لا يزال تشوبه ريبة تحتاج للإزالة ما نعرفه عن قبائل الأعراب من أن أسماءها تتبدل مهما عظمت في كل قرن أو قرنين تبعاً للمتآمر عليها وقد تسمى القبيلة باسم أميرها أو شيخها ثم باسم ابن هذا أو ذاك بعد وفاته إذا انفصلت عن الأرومة وتفرعت. فقد تغيرت أسماء القبائل التي كانت معروفة بد \ خول الإسلام الشام في القرن الثالث والرابع، وما عرف نمن أسمائها في القرن السادس والسابع تبدل في التاسع والعاشر. والأمثلة على ذلك كثيرة كما سوف يأتي. والإمارة أو المشيخة ترجع على الأغلب لمن كان له أصل قديم من بيته أو من كان أذكى قومه جناناً وأبسطهم بالكرم يداً وأشجعهم يوم النزال قلباً وأصلبهم في الحوادث عوداً ثم تنتقل بالوراثة حتى ينقطع العقب أو ينضب معين الكفاءة.
ولما رجعت أنقب الكتب الباحثة عن أحوال العرب وأنسابهم وجدت الباحثين عن أحوالهم وعاداتهم كثيرين برز بين المتقدمين ابن عبد ربه الأندلسي المتوفي سنة ٣٢٨ في العقد الف٦ريد، وأبو الفرج الأصبهاني المتوفي سنة ٣٥٦ في الأغاني وبين المتأخرين السيد شكري الألوسي في بلوغ الأرب في أحوال العرب المطبوع في بغداد سنة ٣١٤ في ثلاثة مجلدات خصها بشرح أخبار الأعراب وعاداتهم وأخلاقهم وآدابهم في الجاهلية والارشمندريت بولس سلمان في كتاب خمسة أعوام في شرقي الأردن المطبوع في حريصاً (لبنان) سنة ١٧١٩م شرح فيه آداب مدن شرقي الأردن في عهدنا وقضاءهم وديانتهم وعشائرهم، والسيد عارف العارف قائم مقام بئر السبع (فلسطين) في كتاب القضاء بين البدو المطبوع في القدس سنة ١٩٣٣م شرح فيه أخبار أعراب بئر السبع في عهدنا أيضاً وطبائعهم وعاداتهم في القضاء والقتل والسرقة والمرأة والحيوان والرحيل والتجارة والطلب والعقيدة.
أما الباحثون عما أنشده فقلائل برز بين المتقدمين ابن خلدون المتوفي سنة ٨٠٨ في تاريخه العبر والقلقشندي المتوفي سنة ٨٢١ في كتابه الأول صبح الأعشى وكتابه الثاني نهاية الأرب في معرفة قبائل العرب طبع في بغداد وعنه أخذ أبو الفوز السويدي البغدادي في رسالته سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب المطبوعة على الحجر سنة ١٢٨٠ وكتابه