ولما لم اكتف بما التقطته من أفواه هؤلاء رجعت أتحرى وأنقب صحائف التاريخ الباحثة عن كوائن بلادنا في العصور الأخيرة فلم أجد ما ينقع غلتي في تاريخ الشهابي وهو على علاته أوسع من دون أخبار تلك العصور التي زهد فيها أهلها بالتاريخ والتدوين لا سيما في ما يتعلق بأخبار الأعراب في زمانهم. فالشهابي لم يذكر اسم الموالي إلا مرة في أحداث سنة ١٠٣٥ في خبر طلب الأمير فخر الدين المعنى منهم ذخيرة وتمنعهم ورحيلهم ولحاق الأمير بهم حتى عبرهم النهرين، ولم يعد لذكرهم ولا لذكر من كانوا أمراء البادية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر كما ذكر من كانوا في الحادي عشر على ما سوف ننقله.
وبينما كنت أقلب كتاب الجغرافية القيم المسمى بجهان نما لمؤلفه كاتب جلبي صاحب كشف الظنون المتوفي سنة ١٠٦٨ والمطبوع بعد وفاته قي سنة ١١٤٢ في الأستانة عثرت بغتة في بحثه عن سلمية على ما تعريبه: وما برح هذا اللواء: يعني سلمية وقد كانت في أيامه مركز لواء: في حوزة أمراء الموالي. هؤلاء الأمراء ينسبون لآل الحيار من قبائل العرب وهم ينقسمون إلى فريقين آل حمد وآل محمد وتصل مناطق نفوذهم إلى ضواحي حلب والرقة. وفي رواية أن حمد أبا نعير أبلى مرة بلاء حسناً في معركة على عهد أحد سلاطين مصر وكان يضع على رأسه ريشة فدعي بأبي ريشة وأنعم عليه ذلك السلطان بمبلغ عظيم من الذهب فاشترى به ألف عبد ليقوى بهم على قومه فسميت أعقاب هؤلاء العبيد بالموالي وهؤلاء لا يكون منهم أمراء. اه -
وما أن لمحت هذه الكلمات حتى خيل لي أنني وجدت ضالتي المنشودة، فقد استدليت مما ذكره كاتب جلبي أن اسم الموالي وصيت أمرائهم كانا معروفين في عهده أي في القرن الحادي عش، وقد وافق بذلك المؤرخ الشهابي الذي ذكرهم في أحداث سنة ١٠٣٥، ووافقه أيضاً بنسبتهم لآل الحيار وبتلقيبهم بآل أبي ريشة وزاد عليه ببيان سبب هذا اللقب.
إن هذا الاستدلال وبقاء لقب أبي ريشة لاحقاً بأمراء الموالي المعاصرين لنا حملاني على الظن بأن هؤلاء الأمراء هم من أعقاب عيسى بن مهنا آل الفضل الطائيين الذين كانوا ملوك البادية وأعظم ساداتها في عهد السلاطين الأيوبيين والسلاطين المماليك كما كان أقاربهم بنو الجراح الطائيون من قبلهم في عهد الخلفاء الفاطميين وهذا هو السبب في أن