الرجال هو بين الرجال والنساء أيضاً وقد أصبح هذا التساوي جزءاً من نفسية الجنسين لا يثير بحثاً ولا يسترعي انتباهاً. وقد أخذ أثر المرأة في الحياة الأميركية يظهر بوضوح وجلاء. أن هذا التساوي بين الأفراد من الجنسين يقرب الديمقراطية الأميركية من الشيوعية ويجعلها تختلف عن الفاشستية القائمة على أساس وجود اختلاف بين الأفراد ووجود طبقة ممتازة صالحة للحكم وأخرى لأن تحكم.
وتتفق الفاشستية مع الديمقراطية الأميركية التي يمثلها الآن الرئيس روزفلت بأمرين: الأول المحافظة على شكل الرأسمالية مع تبديل في التفاصيل والفروع والثاني عدم الرغبة بالتعاون الدولي والعودة للانفراد الاقتصادي. ومع ذلك فالاختلاف بينهما عظيم في الاتجاه والغاية. فالرئيس روزفلت جعل محور عمله وغاية جهوده رغد العيش والبحبوحة العامة. وهذه الكلمات ترد تقريباً في كل خطبه العامة ملحاً على لزوم توزيع الثروة توزيعاً عادلاً فلا يحصل أحد على حلوى أن يأكل الجميع خبزاً وهذه الأمور كلها كميات قابلة للقياس لأنها مادية أما الفاشستية سواء في ألمانيا أو إيطاليا فقلما تبحث عن البحبوحة الاقتصادية العامة بينما هي تثير الكبرياء القومية والحقد وعبادة بلاد الأجداد وهذه الأمور غير قابلة للقياس لأنها معنوية فالاختلاف أذن بين الديمقراطية والفاشستية هو خلاف بين المادية والفكرية ولا غرابة بذلك فالإرث الفكري والاجتماعي والاقتصادي في أميركا متأثر جداً بأصله البريطاني الذي يدين بالمادية ويرى فيها سعادة البشر وهناءهم. ويسيء الظن بالفكرية من النوع الذي تقول به الفاشستية إذ يرى فيها دماً وناراً وانحلالاً خلقياً.
إن مادية الديمقراطية الأميركية تقربها أيضاً من الشيوعية التي تجسد المادية ومع ذلك فالاختلاف بينهما لا يزال كبيراً. فالشيوعية نظرية ثوروية بحتة وضع أسسها كارل ماركس وأنكلس لاستفزاز شعور العمال وحملهم على الكفاح ضد الرأسمالية للتغلب عليها والاستيلاء على الحكم لإقامة مجتمع لا طبقات فيه ولا مستثمر ولا مستثمر. وقد اعتنق هذا المبدأ عدد كبير من العمال في أوروبا حيث تأصل نظام الطبقات مع تبدل في الشكل كما هو معروف في التاريخ. ولكن أميركا لم يكن فيها طبقات قبل قيام الصناعة الحديثة. فقد كانت متساوية في ظروف المعيشة حينما كانت البلاد زراعية إذ يملك كل فرد جزءاً من الأرض ومن لا ارض له لا يصعب عليه أن يحصل على ما يريد ويستطيع تحقيق بغيته