للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلامان قد نسيته ولكنها عادت إلى حبها له ورجعت إلى معاشقته. فأبى ذلك وأزعجها ثم ظهر لهم عدو فوجه سلامان أخاه ابسالا إليه إلا أن امرأة سلامان فرقت في رؤساء الجيش أموالاً ليرفضوه في المعركة ففعلوا وظفر به الأعداء وتركوه جريحاً وبه دماء فعطفت عليه مرضعة من حيوانات الوحش وألقمته حلمة ثديها واغتذى بذلك إلى أن انتعش وعوني ورجع إلى سلامان وقد أحاط به الأعداء وأذلوه وهو حزين من فقد أخيه فأدركه ابسال وأخذ الجيش والعدة وكر على الأعداء وبددهم وأسر عظيمهم وسوى الملك لأخيه ثم اتفقت المرأة مع الطابخ والطاعم وأعطتهما مالاً فسقياه السم واغتم من موته أخوه واعتزل من ملكه وفوضه إلى بعض معاهديه وناجى ربه فأوحى إليه بحقيقة الأمر فسقى المرأة والطابخ والطاعم ما سقوا أخاه فماتوا جميعاً.

وتأويل هذه القصة أن سلامان هو النفس الناطقة وابسالا هو العقل النظري أو هو درجة النفس في العرفان وامرأة سلامان هي القوة البدنية الإمارة بالشهوة والغضب وعشقها لابسال هو ميلها لتسخير العقل كما سخرت سائر القوى، وإباء ابسال هو تطلع العقل إلى عالمه وأخت امرأة سلامان هي الملكة العملية والبرق اللامع من الغيم المظلم هو الخطفة الإلهية التي تسنح للإنسان أثناء الاشتغال بالأمور الفانية وإزعاج ابسال للمرأة هو إعراض العقل عن الهوى. وفتحه البلاد هو اطلاع النفس بالقوة النظرية على الملكوت، ورفض الجيش له هو انقطاع القوى الحسية والخيالية عند عروج النفس إلى الملأ الأعلى، وتغذيته بلبن الوحش إشارة إلى إفاضة الكمال إليه عما فوقه من المبادئ والطابخ هو القوة الغضبية والطاعم هو القوة الشهوانية وتواطؤهم على هلاك ابسال إشارة إلى اضمحلال العقل في شقوة العمر وإهلاك سلامان إياهم ترك النفس استعمال القوى البدنية في أخر العمر، واعتزاله الملك وتفويضه إلى غيره انقطاع تدبير النفس الناطقة عن البدن ومفارقتها لهذا العالم.

٧ - رسالة الطير

ومن الرسائل التي تدل على هذا التجرد عن المادة وتدعو إلى ضرورة التطلع إلى المثل الأعلى رسالة الطير التي طبعت مراراً ونقلها الموسيو (مهران) إلى اللغة الفرنسية في مجموعة رسائل ابن سينا الصوفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>