الحق عنها بحثاً دقيقاً ممتعاً توفرت له شرائط من العلم والجد وبذل المال وشد الرحال، فأطلعنا على ما ظهر من الطرائق قديماً واحتفى، وعلى ما بقي في هذا العصر منها، مبيناً لنا أصولها وفروعها وأماكن انتشارها مع إحصاء شيوخها المربين ومريديها السالكين، مما لا يعرف أكثره شيوخ الطرق أنفسهم، وفي هذه المعلمة من الكلام على العلوم الطبيعية والرياضية وعلى حكماء الإسلام والعرب وأطباءهم ورجال الهندسة والكيمياء والفيزياء منهم ما فيه تذكرة للغافل ودمغ لباطل الشعوبي المتجاهل، وفي خاتمة كل مبحث يجد المطالع ما يحتاج إليه من أسماء المراجع العربية أو الغربية مما لا يسع باحثاً جهله لا مؤلف كتاب ولا طالب علم وآداب.
إن هذه المعلمة الإسلامية لا يقتصر الانتفاع بها على شعب إسلامي دون شعب فهي ملك الأمة الإسلامية جمعاء من حيث حاجة المتعلمين من أبنائها إلى مطالعة ما يهمهم منها، ولهذا يجب على كل من يقدر هذه المعلمة قدرها، ويجل الغية من تعريبها، ويكبر الهمة في الشباب المقدم على نقلها إلى العربية، أن يحرص كل الحرص على إتقان هذا العمل الجليل، ذلك الواجب هو الذي حملنا على كتابة الكلمة المشتملة على ما يتعلق بالمعنى والمبنى معاً.
أما ما يتعلق بالمعنى فيحتاج التعريب، إلى دقة في التعبير تدعو إليه أمانة النقل وقد رأيت جل الناقلين إلى العربية أو الكاتبين فيها يصرفهم زخرف التعبير وطلاوة الأسلوب وجمال المعرض عن الإحاطة بالمعنى المراد، وعدم العناية بالتدقيق في التعبير مما جعل لغتنا العربية تتخلف على مرونتها ووفرة مادتها عن اللغات الغربية نثراً وشعراً، ولا نقصد بهذا القول أن تفقد العبارة حسن سبكها، فإن أكمل التعريب ما كمل وجمل مبناه، ولم تشم منه رائحة أجنبية، ولا يتوفق لذلك إلا من أحكم لغتي النقل: أي المنقول منها والمنقول إليها، وقد لاحظنا في بعض ما تنقله لجنة التعريب بعض الضعف في التعبير والدقة في التعريب ولولا خطورة هذه المعلمة لما بالغ الناقدون في نقدها لأن تعريبها لا يقل عما ينتقل إلى العربية في هذا العصر إن لم يزد على كثير منه في الإحسان والإتقان.
ومما لاحظناه مثلاً في مادة الاباضيون تعريب ما يأتي: