٥ - ونقول في ترجمة أننا لم نعترض على ترجمتها بالحكمة الطبيعية بل اعترضنا على ترجمتها بعلم الحكمة (صفحة ٣٩) ولم نقترح على الدكتور نصري كلمة (فيزياء) إلا لأن حضرته شجعنا على هذا الاقتراح باستعماله ألفاظاً غريبة مثلها كمتافيزيكية وفسلجة وميكانيك وقوزموغرافية وغير ذلك.
٦ - أما قول الدكتور نصري: وأنا أرى معه أيضاً أن من الأصلح أن لا يذكر سوى ذلك إذا كان ما يود ذكره من هذا القبيل فقد دل على تأثره من هذا الانتقاد النزيه الذي وجه إلى كتابه بصورة مجردة، فنحن لم يدر في خلدنا أبداً أن ننقص من قيمة الكتاب ولا أن نحتقر الجهود التي بذلها العرب في نقله، بل غايتنا مجردة ولولا اعتقادنا أن في هذا الانتقاد نفعاً للمترجم وخدمة للحقيقة لما أقدمنا علي، ولو سمح المقام بذكر جميع ملاحظاتنا لفعلنا إلا أن نطاق المجلة لا يسمح بذلك. ونقتصر الآن على تذكير حضرة المترجم أن (صفحة ٩) لا تطابق العقلي بل تطابق الوضعي أو الإثباتي. وإن (ص ١٧٤) لا تترجم بالعقل الفردي بالمذهب العقلي. وقد فسر حضرة المعرب كلمة باسكال المشهورة لو كان أنف كيلو باترا أقصر لكان وجه الأرض كله قد تغير بقوله (ص ١٢١): أي لو كانت أقل عظمة وكبرياء وبديهي أن باسكال لم يقصد ذلك بل أراد الإشارة إلى جمال كيلو باترا وتأثيره في انطونيوس ولولا العلاقة الغرامية التي بينهما لما تعاقبت حوادث التاريخ على هذا الشكل.
فالحوادث التافهة تؤثر في مجرى التاريخ.
نحن لا نلوم الدكتور نصري على التصرف في التعريب لإيضاح الأفكار وجعلها قريبة من مستوى التلاميذ ولكن قد يكون التأليف في وضع الكتب المدرسية خيراً من التعريب، لأن الكتب المدرسية لا تحتوي في الغالب على إبداع بل تمتاز بعضها على بعض بأسلوبها وطريقتها.
نعم إن الترجمة خير طريقة يمكن إتباعها في آثار الفلاسفة العظام كديكارت وكنت وشوبنهاور وبرغسون ولكن تأليف الكتب المدرسية خير من ترجمتها لأن لكل بلاد روحاً خاصة وحاجات مختلفة، ولو قابل الدكتور نصري هذا الكتاب الذي عربه بغيره من الكتب التي وضعت للبرنامج الفرنسي لما وجد بينهما اختلافاً في المادة والإبداع ونعتقد أنه كان بوسع الأستاذ نصري أن يجمع هذه المواد ويرتبها كما جمعها الأستاذ شاللاي نفسه.