ينظرون شزراً إلى تركية هذه الأيام. إن الرابطة الوحيدة التي كانت تربطنا بالأتراك عي الإسلام، وقد قطعوه اليوم. إن الرابطة الشرقية ليست في درجة واحدة من الخطورة في نظر الهنود، ولو اهتموا بها لكان أحرى بهم أن يرتبطوا باليابان والصين. كان الهنود فيما سبق يحترمون الأتراك ويحبونهم مسلمين، أما اليوم فأنهم يشعرون لهم بالخصومة التي يشعرون بها للغربيين. نحن لا نأبى أن يتمدن الأتراك، ولا أن يقتبسوا عناصر المدنية الغربية، ولكننا نفضل لهم أن يحافظوا على الطابع الشرقي، وعلى أخلاقهم وعاداتهم القيمة أه -. إن مثال الأتراك هذا يؤخذ منه درس أخلاقي وفلسفي واضح في ظاهرة كل الوضوح: ما هو الفرق بين المدينة الشرقية والغربية؟ إن مدنية الغرب مادية، والمدنية الشرقية روحية إن نص كلام الدكتور عبد الحق لا يبين أسلوباً جديداً في سلوك الأمة ولا يعطينا بأنه بنفسه لا ينهج نهج الأتراك. . .
وأود أن لا يرى القارئ في هذه الأمثلة نقداً للفكر الشرقي. إنا نعيد قولنا أن انكليزياً أو فرنسي أو غيرهما أحدهما بالارتياب عينه في كثير من هذه الظروف والأحوال، بيد أن التحولات السياسية والاجتماعية في الشرق تجعل الارتياب عملاً عاماً وظاهراً. إن خشونة الاتصال بالأجانب، وقوة الذكريات تجعل في الأفكار والمطالب نوعاً من التوتر والعناد الظاهر. إن شخصية الشرقي، بمقدار إيجابها الاستمرار مع الماضي، تدخل في نزاع مع آمالها الذاتية، وينتهي هذا النزاع بصور شتى، فتارة تبقى الرغبات المعاكسة، وطوراً تتموضع المعاكسة على بعض المسائل فيتكاثف الغموض من حولها. حيناً آخر تصيب الفكرة الوحدة والطمأنينة ولكن متباعدة عن العمل والحقيقة. هذه هي أشكال الارتباك الذي تمتاز به على ما يظهر عقلية البلاد السريعة في تقدمها وترقيها. وقد بقي علينا أن نبين المخرج. والحاصل إن حال المشكل يتوزع على نزعتين متطرفتين: إحداهما عصرية لا تترد في أن نصار الثقافة الأوروبية. والثانية محافظة تعتقد بوجوب الاستقاء من ينابيع التقليد الوطني، ونحن الآن لتحليل كل من هاتين النزعتين، ولكن هذه الرسالة لا يتسع صدرها للتفصيل وسنورد في العدد الآتي بعض الأمثلة على ذلك.