فالشعور العام الذي تخرج به من رواية يونانية هو شعور مجموعة فنية جميلة، ومن الرواية الانكليزية هو شعور بصورة غنية لحياة الإنسان، ومن الرواية الفرنسية هو شعور بتفكير يقاد على أحسن أسلوب إلى نتيجة غير منظرة.
فاللذة عند اليونانيين هي التروي في الجمال، وعند الفرنسيين حب الاستطلاع يغذيه المنطق وعند الانكليز الإحساس بالحياة.
. . . فالآلهة اليونانية هي الجمال، والآلهة الانكليزية هي الحياة والآلهة الفرنسية هي الفكر.
. . . وفي كل رواية يوناني نقاش، وموسيقى، ومغن، ومحارب.
وفي كل رواية انكليزي مؤرخ ورسام طبائع وفيلسوف. وفي كل رواية فرنسي خطيب ومعلم أخلاق ومنطق!
فنم هذا ترى أنه لا يفضل أسلوباً على أسلوب، بل هو يرضى عن الأساليب كلها ويتفهمها كلها، إذ لا غضاضة على أمة أن لا تكون لعباقرتها مزايا توفرت لعباقرة الأمم الأخرى، وليس يجب علينا إذا أعجبنا بلون من العبقريات الغريبة أن تنتقص عبقريتنا الوطنية ونرميها بالسخف والجمود بل يجب علينا أن نعجب بالصورة البارعة مهما يكن أسلوبها وإلى أية مدرسة ينتمي صاحبها.
عندنا صور بارعة، ولكنها لا تنتمي إلى المدرسة اليونانية التي يكبرها بعض أدبائنا تقليداً لبعض أدباء الغرب. . فهل نرمي بها في البحر إكراماً لعيون المقلدين - المجددين؟
نحن أنصار الجديد، لا نصير له أكثر حماسة منا، ولكننا لسنا أعداء لعبقرية العرب، ونحن مؤمنون بما آمن به غوتي من قبل من أن أكثر الناس إنسانية هو الذي يعرف أن يستفيد من عبقرية وطنه!